تركيا تنتظر «الطعون»... وواشنطن تعمِّق القلق
• «حزب إردوغان» يشكك بنتائج أنقرة وإسطنبول
• إمام أوغلو: يتصرفون كطفل حُرم لعبتَه
• «البنتاغون» تعلن تعليق صفقة F35 ومسؤول أميركي يلوِّح بعقوبات... والليرة تضعف
دخلت تركيا في حالة من عدم اليقين بسبب اعتراض الحزب الحاكم على نتائج الانتخابات البلدية في أكبر مدينتين بالبلاد، في حين زاد إعلان واشنطن تعليق صفقة «F35» مع أنقرة حال الترقب التي تضغط على العملية المحلية.
بدا أمس أن تركيا دخلت حالة من عدم اليقين، بعد الصدمة الكبيرة التي حققتها المعارضة في الانتخابات البلدية التي جرت الأحد وسيطرتها على المدن الكبيرة بما في ذلك العاصمة الاقتصادية إسطنبول والعاصمة السياسية أنقرة وكبريات المدن مثل أزمير وانطاليا وغيرها. وفي ظل صمت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منذ كلمته التي ألقاها ليل الأحد ــ الاثنين وأقر فيها بتراجع حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي المحافظ الحاكم في عدد من المناطق متعهداً بالتركيز على الاقتصاد حتى الانتخابات العامة المقررة في 2023، بدا أن الحزب الحاكم لا يزال تحت تأثير الصدمة، ربما بانتظار نتائج الطعون التي تقدم بها خصوصاً في إسطنبول كبرى مدن البلاد.
أزمة أكبر
ويتعامل الإسلاميون الحاكمون بحذر ولا يريدون التسبب بأزمة سياسية أكبر في حال بقيت النتيجة على حالها في إسطنبول وأنقرة. ويعلم «العدالة والتنمية» أن منافسه الأتاتوركي حزب الشعب الجمهوري لن يتقبل هذه المرة إبعاده وحرمانه من انتصار يعتقد أنه استحقه عن جدارة.الليرة تهبط
وزاد الغموض حول نتائج الانتخابات المحلية من الضغوط على الليرة التي تراجعت قيمتها كثيراً الأسبوع الماضي مع تراجع ثقة الأتراك في عملتهم مما دفعهم لإقبال قياسي على شراء الدولار والذهب.وهبطت الليرة أمس، بنسبة تصل إلى 2 في المئة أمام الدولار بفعل مخاوف من تجدد التوتر مع الولايات المتحدة التي أعلنت أنها ستعلّق تسليم تركيا مقاتلات «F35» الأميركية كذلك العمل المشترك معها على برنامج هذه الطائرات، بعدما أصرت حليفتها في حلف شمال الأطلسي على إتمام صفقة كبيرة لشراء منظومة S400 الصاروخية الدفاعية الروسية.وفي مؤتمر صحافي متوتر، قال متحدث حزب «العدالة والتنمية» التركي عمر جليك، أمس، إن الحزب اكتشف «تناقضاً واضحاً» بين محاضر نتائج الاقتراع وجداول عد وفرز الأصوات في صناديق أنقرة وإسطنبول.وأضاف جليك أن «من الطبيعي الطعن في نتائج الانتخابات لحل التناقض بين محاضر النتائج وجداول الفرز»، داعياً إلى احترام حق الاعتراض. وشدد المتحدث على أن «العدالة والتنمية» سيتابع كل صوت في صناديق الاقتراع، وأوضح في الوقت نفسه أن حزبه سيحترم أي نتيجة تفرزها صناديق الاقتراع.وإذ اعتبر أن نسبة المشاركة العالية في الانتخابات التي بلغت حوالي 85 في المئة، تدل على قوة الديمقراطية التركية شدد جليك على أن تركيا لديها خبرة كبيرة في تنظيم الاستحقاقات. وانتقد معارضون ومراقبون تشكيك الحزب الحاكم بالنتيجة لأنه يسيطر كلياً على الحكومة المسؤولة عن تنظيم عملية الاقتراع.وأمس الأول، قال نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية»، علي إحسان ياووز، إن 17 ألفاً و410 أصوات فرزت من 309 صناديق في مدينة إسطنبول، كانت لمصلحة حزبه، لكنها سُجّلت في خانة أحزاب أخرى.ووفق النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات المحلية، التي جرت الأحد، حصل مرشح حزب «العدالة والتنمية» لرئاسة بلدية مدينة إسطنبول رئيس الحكومة السابق بن علي يلدريم، على 48.53 في المئة من الأصوات، مقابل 48.78 في المئة لمرشح حزب الشعب الجمهوري (المعارض)، أكرم إمام أوغلو. وقال رئيس منطقة اسطنبول في الحزب بايرام سينوجاك للصحافيين: «قدمنا اعتراضاتنا للسلطات الانتخابية في كل المناطق الـ 39» للمدينة.وأشار إلى أن الحزب وجد فارقا «مفرطا» بين الأصوات التي تم الإدلاء بها في مراكز الاقتراع والبيانات المرسلة للسلطات الانتخابية.بدوره، قال رئيس الحزب في أنقرة، هاكان هان اوزجان، إنهم سيقدمون طعونا أيضا في 25 منطقة بالعاصمة.وسافر إمام أوغلو، أمس، إلى أنقرة لوضع اكليل من الزهور على ضريح مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، في إجراء شديد الرمزية عادة ما يقوم به إردوغان نفسه بعد فوزه في الانتخابات.وقال أوغلو «إذا فاز الحزب الآخر كنت لأقول مبروك لـ «بن علي يلديريم»، وهو ما لن أقوله لأنني فزت» بالانتخابات، وتابع «أنهم (حزب العدالة والتنمية) يتصرفون كطفل حُرم من لعبته».يلدريم
كان يلدريم أقر، أمس الأول، بأن منافسه إمام أوغلو حصل وفق النتائج الأولية على أصوات أكثر منه بنحو 25 ألف صوت، لكنه شدد على أن هناك 319 ألفاً و500 صوت ملغاة، وهذه الأصوات تبلغ 10 أضعاف الفرق الذي بينه وبين منافسه، إضافة إلى بعض التجاوزات والأخطاء، لافتاً إلى أن هذا الفرق قد يغير النتيجة.وأضاف يلدريم الذي كان يرأس البرلمان واستقال خصوصاً للمنافسة على رئاسة بلدية إسطنبول قائلاً: «نعرف كيف نقدم التهاني، ولكن الأمور لم تنته بعد». واستبعد يلدريم إمكانية إعادة الانتخابات.عودة التوتر مع واشنطن
وأعلنت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أمس الأول أنها ستعلّق تسليم تركيا مقاتلات «F35» الأميركية كذلك العمل المشترك معها على برنامج هذه الطائرات، بينما لوح مسؤول أميركي أمس بفرض عقوبات.وقال الناطق باسم «البنتاغون» تشارلز سامرز جونيور: «بانتظار قرار صريح من تركيا بالامتناع عن تسلّم نظام S400، تم تعليق عمليات التسليم والأنشطة المرتبطة بتفعيل القدرات التشغيلية لطائرات «F35» في تركيا».وتابع في بيان أنه «في حال اشترت تركيا منظومة S400، فمن شأن ذلك أن يعرض برنامج «F35» إلى الخطر».وأعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أن تعامل تركيا عسكرياً مع الطرفين قد يمكّن روسيا من الحصول على معلومات متعلقة بمنظومة «F35» قد تدفعها إلى تطوير دقة منظومة S400 ضد الطائرات الغربية. وأكد البنتاغون أنه بدأ البحث عن مصادر ثانية لإنتاج قطع «F35» التي يتم تطويرها حاليا في تركيا.وقال سامرز: «نأسف بشدة للوضع الحالي الذي تُواجهه شراكتنا المتعلقة بطائرات اف-35 مع تركيا، لكنّ (وزارة الدفاع) تتخذ تدابير احترازية لحماية الاستثمارات المشتركة في التكنولوجيا الحساسة».وخططت تركيا لشراء مئة مقاتلة من طراز «F35»A، وبدأ طياروها بالفعل بتلقي تدريباتهم في الولايات المتحدة.وأكدت الشركة المصنعة لهذه الطائرات «لوكهيد مارتن» أنها تتوقع بأن تصل قيمة العقود مع الشركات التركية لتصنيع قطع الـ «F35» إلى 12 مليار دولار.وبين الشركات التركية الثماني المنخرطة في الصفقة شركة «أييساش» التي تصنّع شاشة عرض بانورامية لقمرة القيادة في «F35» بينما تصنّع «فوكر إيلمو» 40 في المئة من الأسلاك الكهربائية ونظام الربط الداخلي، حسب «لوكهيد مارتن».ويعد شراء منظومة روسية أمراً نادراً جداً بالنسبة لبلد عضو في حلف شمال الأطلسي، التحالف الغربي الذي تشكّل لمواجهة الاتحاد السوفياتي.ويتطلع إردوغان، الذي ساءت علاقاته مع الغرب بشكل متزايد إلى موسكو كشريك. وتحولت تركيا إلى الوجهة المفضلة بالنسبة للسياح الروس، ما يشكّل دعماً مهماً لاقتصاد البلاد.هجاء لإردوغان يوصل ميركل إلى المحكمة
حرّك الإعلامي الألماني الساخر يان بومرمان دعوى قضائية ضد المستشارة أنجيلا ميركل، بسبب انتقادها لـ «قصيدته المسيئة» للرئيس التركي رجب طيب إردوغان.وقال ناطق باسم المحكمة الإدارية في برلين إنه من المقرر النظر في الدعوى في 16 الجاري.تجدر الإشارة إلى أن الدعوى موجهة رسميا ضد ديوان المستشارية في برلين.وكان بومرمان قد تسبب في أزمة دبلوماسية مع تركيا بسبب قصديته الساخرة التي بثها في برنامجه التلفزيوني عام 2016.ووصفت ميركل القصيدة في ذلك الحين بأنها «مهينة عن عمد»، حسب تصريحات المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، عقب مكالمة هاتفية أجرتها ميركل مع رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت أحمد داوود أوغلو. وبعد ذلك تراجعت ميركل عن هذه التصريحات واعتبرتها خاطئة.