فكّر محلياً تحقق تنمية أفضل
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
إن فكرة أن تضطلع المجتمعات المحلية بدور رئيس في المبادرات التنموية ليست بالجديدة، ففي 1993 شددت قمة التعليم للجميع لمنظمة اليونسكو في نيودلهي، على أن التعليم مسؤولية الأسر والمجتمعات والمنظمات غير الحكومية والحكومات، لكن كان هناك تغيير تدريجي في طريقة التفكير، خلال العقود الثلاثة الأخيرة بشأن كيف يمكن للمجتمعات المحلية أن تقوم بدور أكثر فعالية.وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي اعتمدت المجتمعات المحلية سياسة تنموية متدرجة، وابتعدت عن المبادرات الحكومية، إلا أن هذه السياسة لم تكن ناجحة نظرا للتوترات والمشاكل السياسية المتعلقة بمضاعفة هذه الجهود. وفي تقرير للبنك العالمي لعام 2013 ألقى كل من غزالة منصوري وفيجايندرا راوو الضوء على مشكل إخفاق المجتمع المدني في غياب "بنيات تحتية تعاونية" تعتمد على المؤسسات الحكومية النشيطة، كما قال بيشوابريا سانيال من معهد ماساتشوستس في وقت سابق إن "التنمية تتطلب دمج الجهود المبذولة في الأعلى وفي الأسفل، وتعاونا بين الهيئات الحكومية، وبين مؤسسات السوق والمنظمات غير الحكومية التي تستخلص الإيجابيات النسبية لكل مؤسسة، وتقلص سلبياتها النسبية". وتوصلت دراسة أجراها أزيم إجاز خواجة من جامعة هارفارد في عام 2004، إلى نتيجة تقول إن التزام المجتمع حَسَّنَ بصفة مستدامة من صيانة مشاريع البنية التحتية مادامت مشاركتهم مقتصرة على ما هو غير تقني.وينبغي أن تساعد مثل هذه السياسات التعاونية في التخفيف من شعور المجتمعات بالعزلة في المشاريع التنموية، وبخصوص هذا الموضوع، أشار الخبيران الاقتصاديان الحائزان جائزة نوبل للسلام، أمارتيا سين، وإلينور أوستروم، إلى تنمية "رأس المال الاجتماعي"، الذي يسمح للمجتمع بأخذ المبادرة في حال توقف التمويل، أو أي شكل آخر من المساعدة المؤسساتية. وتعد مبادرة تعليمية أخرى في باكستان، تسمى مبادرة سترايد، مثالا آخر يفسر كيف يمكن للمجتمعات المحلية أن تضطلع بدور إيجابي في التنمية، وتهدف المبادرة إلى تحسين آفاق التلاميذ في البقاء في المدرسة، وفي انتقالهم إلى مستويات دراسية أعلى.وتوفر المبادرة دروسا مسائية، ووسائل نقل للطلاب الذين يقطنون بعيدا عن المدرسة. وأهم ما تسعى إليه المبادرة، هو تحسيس المجتمعات المحلية بتحديات الاحتفاظ والانتقال، وتشجيعهم على المساهمة في الحلول المستدامة.ويبدو أن هذه الجهود ناجحة، ففي يوسي بيرهار، في مقاطعة موزافارغار، ساهم المجتمع المحلي بـ48000 روبية باكستانية لتغطية تكاليف تَنَقل التلاميذ الذين يحضرون مدرسة مجاورة تابعة لمبادرة سترايد. كما أن العقلية المحافظة في العديد من مناطق باكستان، تجعل ذهاب النساء والفتيات إلى مدرسة بعيدة أمرا أقرب من أن يكون مستحيلا، لكن مبادرة سترايد أخذت الأمور التي تقلق المواطنين بعين الاعتبار، مما مكن الفتيات من مواصلة تعليمهن دون التسبب في رد فعل عنيف. إن المناقشات بشأن التنمية حققت خطوة كبيرة خلال الثلاثين سنة الماضية، وتقوم المجتمعات المحلية بدور يزداد أهمية، وينبغي الترحيب بمشاركتها وتشجيعها؛ وبالفعل، هذا الترحيب والتشجيع ضروريان لضمان قبول المبادرات التنموية واستدامتها.* زارا كياني* زميلة باحثة في معهد العلوم السياسية والاجتماعية في إسلام اباد، باكستان. «بروجيكت سنديكيت، 2019» بالاتفاق مع «الجريدة»