الفنان اليابانى كان ماتسو لـ الجريدة•: روابط مشتركة بين ثقافات العالم وموسيقاه
عشق العود وتعلم العزف عليه بالقاهرة وأسس فرقة للغناء العربي في طوكيو
«تتشابه الثقافات والفنون حول العالم إلى حد كبير». هكذا يؤكد الفنان الياباني عاشق العود، كان ماتسو، أول فنان في بلاده يعزف على آلة العود، التي سمع صوتها للمرة الأولى في القاهرة عام 2005 قبل أن يقرر تعلم أصول العزف عليها، ويعود إلى طوكيو ويؤسس فرقته «علاء الدين»، لنشر الموسيقى والغناء العربي.
في حوار أجرته معه «الجريدة» عبر الإنترنت، لفت ماتسو إلى التشابه الكبير بين إيقاعات الموسيقى اليابانية والعربية... وإلى نص الحوار:
في حوار أجرته معه «الجريدة» عبر الإنترنت، لفت ماتسو إلى التشابه الكبير بين إيقاعات الموسيقى اليابانية والعربية... وإلى نص الحوار:
• متى بدأت علاقتك بالموسيقى؟
- بدأت أنتبه إلى جمال الموسيقى حين كنت في الثامنة من عمري، إذ كان شقيقي الأكبر يعزف على آلة الجيتار الكهربائي، وكان من عشاق موسيقى الروك، وخاصة معزوفات فرقة "البيتلز" الإنكليزية، وكنت أستمع بشغف لما كان يستمع إليه أو يعزفه من خلال غرفتي التي كانت بجانب غرفته، لاسيما أن الحوائط في اليابان رقيقة تعزل الحرارة ولا تعزل الصوت.لما صرت في سن الرابعة عشرة، بدأت أعزف الجيتار الكهربائي وأغاني البيتلز التي تربيت عليها، فقد كنت متأثراً بشقيقي، وفي سن الخامسة عشرة التحقت بالمدرسة الثانوية ثم انضممت إلى الفرقة النحاسية، وبدأت العزف على آلة الكلارينيت، ومن خلال هذه التجربة تعلمت قراءة وكتابة الصولفاج، واطلعت على الموسيقى الغربية الحديثة، وبدأت محاولات متواضعة في تلحين بعض المعزوفات.
• وما الذي جذبك تحديداً إلى الموسيقى العربية؟
- انجذبت إلى الموسيقى العربية وتعمقت فيها، بسبب إعجابي بصوت آلة العود في المقام الأول، كما جذبتني أيضاً المقامات الموسيقية العربية، وعلاقاتها ببعضها، وكذلك الارتجال في هذه المقامات، ثم درست في مرحلة متقدمة على الثانوية، موسيقى الجاز التي فتحت لي باباً كبيراً للاستئناس بالموسيقى العربية وإيقاعاتها المؤثرة، وكان صوت العود الدافع الأساسي، وكنت سعيداً بالارتجال في الموسيقى العربية، تقسيماً وموالاً، فالارتجال في أي موسيقى يتطلب مستوى عالياً من التركيز والذكاء، فهو نوع من التلحين، وكل ارتجال هو مولود جديد للمستمعين.علاء الدين
• أين تعلمت الموسيقى والغناء العربي حين جئت إلى مصر؟
- حدث ذلك صدفة، عندما التقيت بشخص اسمه علاء الدين محمد عام 2005 ، فقد أقمت في القاهرة لمدة شهر لدراسة آلة الطبلة، التي كانت موضة في اليابان، وذات يوم أردتُ أن أقتني آلة عود، فذهبت إلى شارع محمد علي المتخصص في بيع الآلات الموسيقية، وداخل أحد المحلات، التقيت علاء الدين وساعدني في اقتناء العود المناسب لي، وطلبت منه أن يساعدني في إيجاد من يعلمني العزف على العود، فقال بكل بساطة إنه يستطيع ذلك، وبدأ يعلمني.كان المقرر أن أظل شهراً واحداً في مصر، لتعلم بعض الموسيقى البسيطة، لكن عندما بدأت أتعلم العزف على آلة العود غيرت رأيي، فقد أطلعني علاء الدين على مدى عمق الموسيقى العربية وثرائها، فقد كان عازفاً بارعاً ومغنياً ممتازاً، وعرفني على أشياء مهمة جداً، وهي مدى انتشار الموسيقى العربية من المغرب إلى المشرق ومدى ترابطها ببعضها، وعلمني مختلف القوالب الموسيقية، من "سماعي ولونجا وتحميلة"، كما أطلعني على الموسيقى التركية العتيقة، ومن هنا انطلقت رحلتي في بحر الموسيقى العربية، وقمت بتمديد فترة إقامتي في مصر إلى ثلاثة أشهر ونصف، وأصبحت زيارتي لمصر دورية.• متى أسست فرقتك للموسيقى والغناء العربي؟
- في عام 2008 أسست فرقتي في اليابان وسميتها "فرقة علاء الدين"، نسبة إلى صديقي علاء الدين محمد الذي علمني العزف على العود، كما أنتجت ألبوماً بعنوان "العنقاء" عام 2018.تلاقي الثقافات
• هل ثمة عوامل مشتركة بين الموسيقتين اليابانية والعربية؟
- تتشابه الثقافات وتتلاقى الفنون حول العالم إلى حد كبير. ثمة روابط مشتركة بين كل حضارات العالم وموسيقاه، وبالنسبة للموسيقى اليابانية والعربية، لمست ذلك بطريقة مباشرة وأستطيع أن أعدد الروابط، فآلة البِيوَا اليابانية هي امتداد لآلة البربط العتيقة (آلة تشبه العود)، والتي امتدت لتنتج آلة العود الحالية، وعدة آلات أخرى في حجر الأساس لكل الآلات الوترية التي تضرب بالريشة كالبزق التركي. أيضاً الأغاني العربية تشبه في حسها وأدائها قالباً غنائياً يابانياً يسمى "الإنكا"، والعديد من الفروع والروافد والغناء العربي يشبه الإنكا التقليدية الحديثة، من حيث تقنياته من عُرب وزخارف، والموسيقى العربية واليابانية تشتركان في أنهما من ذوات الصوت الواحد Monophonic، وفي بعض الموسيقى التقليدية اليابانية يوجد حيز وجانب من الارتجال كالتقسيم في الموسيقى العربية.• كيف كان أول حفل للموسيقى العربية قدمته في اليابان؟ وكيف كان رد فعل الجمهور الياباني؟
- أول عرض كان في مدينة طوكيو، وكانت أول معزوفة قدمتها للجمهور الياباني هي معزوفة للملحن المصري الراحل رياض السنباطي، وكان عزفها صعباً بالنسبة لي لأنها تتطلب مهارة وحساً مرهفاً، لكن لاقت إعجاب الجمهور وهنأني المستمعون.• لماذا اخترت آلة العود للعزف عليها بين كل الآلات الشرقية؟
- يعتبر العود سلطان الآلات الموسيقية العربية، لأنه من الآلات القليلة التي يمكن العزف عليها والغناء في ذات الوقت. ولذا فإن كل الملحنين العرب كانوا عازفي عود بارعين، كما أنني كنت عازف جيتار منذ سن الرابعة عشرة، وطريقة العزف على الآلتين متشابهة إلى حد ما، وللعود رنين داخلي أثرى من الجيتار، نظراً لطريقة تعديل أوتاره.تحليل الأحاسيس
• إلى أي مدى ترى أن الموسيقى يمكن أن تذيب جليد الثلج بين الشعوب وتقرب بينهم؟
- الموسيقى الرائعة النابعة من القلب تمنح أحاسيس مثل الحب المتناهي والطيبة والهدوء، تبعدك عن الكراهية عازفاً كنت أو مستمعاً، وقد لامست هذه الأحاسيس في الموسيقى العربية، وتجربتي عميقة في تحليل أحاسيس المستمعين، وأنا بصدد عزف أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش.• هل اكتفيت بتعلم الموسيقى العربية أم سعيت لتعليم أصولها لليابانيين؟
- أسعى لنشر الموسيقى العربية في اليابان وخارجها، ولديَّ تلاميذ كُثر يدرسون الموسيقى العربية، عزفاً وغناءً.• من أبرز المطربين العرب الذين تحرص على تقديم أغنياتهم في حفلاتك؟
- القائمة طويلة، لكن في كل مرة لا أستطيع أن أتجاوز "إنت عمري" و"سيرة الحب" لأم كلثوم و"يا مسافر وحدك" و"كل ده كان ليه" لعبدالوهاب، و"جميل جمال"، ومعزوفة "توتة" لفريد الأطرش، و"سواح" و"جانا الهوى" لعبدالحليم حافظ.• برأيك من أعظم ملحن عربي؟
- الكثير من الملحنين العرب تركوا بصمات لا تمحى في الثقافة العالمية، مثل زكريا أحمد ورياض السنباطي، ومحمد عبدالوهاب، لكنني انجذبت إلى بليغ حمدي، لسلاسة ألحانه.
جذبني صوت العود ودفعني إلى تعلم الموسيقى العربية
الأغاني العربية تشبه في أدائها قالباً غنائياً يابانياً يُسمى «الإنكا»
الأغاني العربية تشبه في أدائها قالباً غنائياً يابانياً يُسمى «الإنكا»