بدأ التوسع في استخدام الطاقة المتجددة الرخيصة بالتأثير على بعض المعطيات الرئيسية لدى شركات الوقود الأحفوري في شتى أنحاء العالم. وبشكل أولي كان ذلك هو سبب محاربة الكثير من تلك الشركات للتقنيات الجديدة، كما كان السبب وراء تغيير الكثير منها استراتيجياتها في محاولة للاستفادة من طاقة الرياح والشمس.

وفي أحدث إشارة على هذا التغيير أعلنت ايكوينور، وهي عملاقة النفط والغاز النرويجية التي كانت تعرف باسم ستات-أويل سابقا أنها تخطط لدفع أموال الى صندوق استثمار بقيمة تقارب 180 مليون دولار، يركز على تقنيات تطوير البطاريات والبحوث ذات الصلة، وتهدف هذه التقنية إلى نشر استخدام الطاقة المتجددة عبر السماح بتخزينها بطرق اقتصادية.

Ad

وهذا الصندوق الذي يحمل اسم "فولتا إنرجي تكنولوجيز"، ويتخذ من شيكاغو مقرا له يدار من قبل خبراء في التقنية التجارية، وهو من نتاج مختبر الحكومة الأميركية الوطني آرغون، وهو موقع بحوث كبير في مجال البطاريات.

ويسعى "فولتا" إلى خدمة كبريات شركات الطاقة التقليدية التي قررت القيام بدور في سباق البطاريات الناشئ، لكنها تفتقر الى الخبرة الفنية الداخلية من أجل القيام بذلك بصورة بارعة. وقد قامت حتى الآن بأربعة استثمارات وفي جعبتها المزيد.

ويأتي إعلان شركة ايكوينور بعد أقل من 3 أسابيع على تصريح للحكومة النرويجية قالت فيه إن صندوق الثروة السيادية النرويجي، وهو الأكبر في العالم، سيقوم بتصفية استثماراته في شركات انتاج واستكشاف النفط والغاز.

ولا تتضمن خطوة النرويج هذه التخلص من شركات كبرى مثل بي بي وشل، لأنهما تعملان في تكرير النفط، اضافة الى انتاجه، ولوجود عمليات لهما في مجال الطاقة المتجددة، كما أن الحكومة النرويجية لا تخطط لبيع أسهمها في ايكوينور التي حسنت عملياتها في مصادر الطاقة المتجددة، وبدأت مفاوضات مع فولتا قبل وقت طويل من الاعلان الحكومي.

ورغم ذلك فإن التخلي عن الاستثمار في شركات استكشاف وانتاج النفط والغاز من جانب صندوق الثروة السيادية في بلد تعتمد ميزانيته الى حد كبير على عوائد النفط والغاز يبرز التغير الكبير الذي تشهده صناعة الطاقة فيه.

ازدياد شريحة المؤيدين

وقالت فولتا إن أنظمة هانون، وهي شركة كورية جنوبية تصنع أنظمة إدارة طاقة آلية، تعهدت أيضا بالاستثمار في صندوق فولتا، لكن فولتا رفضت الكشف عن المبالغ التي ستقدم، وبالمثل رفضت فولتا الكشف عن مساهمة شركتي الاستثمار الحاليتين لديها، وهما اكسلون التي تنتج الطاقة بكمية كبيرة، وتتخذ من شيكاغو مقرا لها، وألبيمارل كورب وهي شركة في كارولاينا الشمالية تنتج الليثيوم، وهو مادة رئيسية في صناعة البطاريات في تقديم المال.

وتعهدت الشركات الأربع معا باستثمار نحو 180 مليون دولار عن طريق فولتا، ويمثل ذلك هزة لافتة في صناعة تخزين الطاقة المزدهرة. وتتبع فولتا صناديق رئيسية أخرى، بما في ذلك بريكثرو إنرجي فنتشرز، وهو تجمع تعهد فيه أثرياء شركة أبر من أمثال بيل غيتس وجيف بيزوس وجاك ما ومايكل بلومبيرغ باستثمار مشترك بقيمة مليار دولار خلال نحو 20 سنة في تقنيات الطاقة لتغيير العالم ومن بينها البطاريات.

وستستثمر فولتا في تقنية البطاريات والمجالات ذات الصلة، مثل الذكاء الاصطناعي وطرق الشحن السريع للسيارات الكهربائية – بحسب جيف تشامبرلين وهو الرئيس التنفيذي للصندوق.

وبالنسبة إلى عمالقة الوقود الأحفوري فإن رواد الانتاج المركزي للطاقة من الأرض وصعود الانتاج غير المركزي للطاقة المتجددة يشكل تهديداً. ويقول تشامبرلين: "من المهم رؤية الأخطار ومن المهم أيضاً أن تقرر ما اذا كنت تريد مقاومة تلك الأخطار أو اعتبارها فرصة ما".

وأسست ايكوينور عام 2016 صندوق مشروع مشترك يهدف الى استثمار نحو 200 مليون دولار خلال 4 الى 7 سنوات فيما تدعوه شركة البترول تقنيات "الطاقة الجديدة"، ويعتبر ذلك مبلغا صغيرا بالنسبة الى ايكوينور.

يذكر أنه في عام 2018 وحده قالت الشركة إنها أنفقت على ما تدعوه انفاق رأسمال "عضوي" 9.9 مليارات دولار، وهي أموال تظل كما هو الحال في عمالقة البترول الاخرى مركزة على الوقود الأحفوري، لكن شركة ايكوينور – مثل محللي الطاقة بصورة واسعة – تتصور حدوث نمو سريع للطاقة المتجددة، وترى في تخزين الطاقة خطوة رئيسية، بحسب غاريث بيرنز، وهو نائب رئيس في شركة ايكوينور والعضو المنتدب لدى ايكوينور إنرجي فنتشرز.

ويلاحظ بيرنز أن تخزين النفط والغاز عملية سهلة، ويقول: "أنت في حاجة فقط الى ناقلة بترول كبيرة"، وعلى العكس من ذلك فإن تخزين الطاقة المتجددة لفترات طويلة ليس اقتصاديا بشكل كبير، لكن ذلك مهم بالنسبة الى تحسين الطاقة المتجددة الرئيسية، لأن الشمس لا تشرق دائما والرياح لا تهب بصورة مستمرة.

ويقول بيرنز: "إذا وجد حل تخزين طويل الأجل وقابل للحياة فإن ذلك سيغير قواعد اللعبة في أعمال الطاقة، وتعمل شركة ايكوينور من خلال فولتا لأن تحديد حل التخزين الصحيح في غاية الصعوبة حقا".

● جيفري بول