من باب السخط والرضا وتوافق الهوى، لا من باب الوطنية والمنطق ومعايير النجاح، يُقيم المتصيدون حلبات لمعارك مصطنعة قرعوا طبولها بناء على رأي هنا أو وجهة نظر هناك، دون أن يفرقوا بين حابل الرأي ونابل المؤسسية، مفترضين أنهم دائماً على حق، وأن مخالفهم هو الباطل الذي يجب أن يمحى، وهو ما فعله بعض السياسيين والنواب في هجومهم الأخير على مؤسسة "لوياك" وإشهارهم أسلحة رخيصة على هذه المؤسسة الثقافية الناجحة لا لشيء إلا لخلافهم مع رئيسة مجلس إدارتها فارعة السقاف بسبب تعبيرها عن رأي شخصي لم يعجبهم في مسألة الحجاب والسفور، رغم أن ما عبرت عنه حق كفله الدستور، فضلاً عن عدم انعكاسه بحال على الدور المجتمعي والتنويري لـ"لوياك".

ومن العجيب، بل من المتوقع في ظل فكر مغلق كهذا، أن يتناسى هؤلاء كل ما تقوم به "لوياك" في خدمة المجتمع، وأن هذه المؤسسة لا تفرق في طاقم عملها بين المحجبات والسافرات، بين السني والشيعي، بين حامل اتجاه وآخر، مدركة، كما ينبغي لأي عاقل أن يدرك، أن معيار الحكم على أي موظف إنما هو العمل والكفاءة، أما الرأي الشخصي أو التوجه الديني فأمور لا علاقة لأحد بها سوى صاحبها... فهل قامت الجمعيات الخيرية ذات الصبغة الدينية بتعيين سافرات فيها كما قامت "لوياك" بتعيين محجبات؟ هل تقبل تلك الجمعيات أن تضم بين طياتها موظفين يخالفون مجلس إدارتها الرأي والتوجه؟

Ad

وفي مقابل الأصوات النشاز التي شنت غضبتها على "لوياك" كلها بسبب رأي شخصي لرئيستها، أجمع عدد من النواب على أن هذه الحملة المنظمة معروف من وراءها، كما أن هدفهم معروف، وهو قمع الحريات وكل من يعارض توجهاتهم.

وقال النائب خالد الشطي لـ"الجريدة" إن "التيار المتأسلم الانتهازي المتستر بالدين والإسلام لا يؤمن ببناء الدولة، ولا يتفهم المدنية ولا يعي الحرية ولا يفهم الديمقراطية، إنهم خارج حدود المنطق والعقل والتاريخ، لذلك تجدهم يهاجمون بعشوائية كل من يخالفهم الرأي ويتلذذون بقمع حريات الآخرين".

بدوره، استغرب النائب راكان النصف هذه الهجمة المنظمة، "فبدلاً من تكريم لوياك على ما تقدمه من خدمات وطنية تتم محاربتها، بسبب رأي شخصي أدلت به السقاف"، مضيفاً لـ"الجريدة" أن "الدستور الكويتي كفل حرية الرأي والتعبير، ولن نسمح بمصادرة هذا الحق، ونحذر الحكومة من الخضوع للأصوات المتشددة"، وينبغي دعم المؤسسة في تقديم رسالتها.

من جهته، قال النائب أحمد الفضل لـ"الجريدة": "نحن مع حرية الرأي وأن يفعل الشخص ما يريده دون الإساءة للآخرين، كما ندافع عن الناس في لبس النقاب أو ما يلبسونه، فهم أحرار في دولة حريات"، غير أن "هذا القصف من التيار الديني لا يجوز"، ولا ينبغي لأصحابه أن يجرحوا أشخاصاً أو يهاجموهم بسبب آراء.

في السياق، قالت النائبة صفاء الهاشم إن ‏"هذه الحملة المتأسلمة الشعواء، تحت شعار الدين لضرب لوياك ومؤسِّستها الفاضلة معروف من وراءها والمغزى منها"، معتبرة أن ‏"لوياك" تمثل "قصة نجاح وإنجاز بعيداً عن الإرهاب الفكري الديني الذي غرر بشبابنا ورماه إلى متاهات داعش والقاعدة ليقتلوا في حروب لا دخل لهم بها".

وأضافت الهاشم أن "هؤلاء المتاجرين باسم الدين، محافظون على عيالهم وطرشوهم لأفضل الجامعات الأميركية، ويبون يدمرون عيال الأوادم"، محذرة من وصفته بالزميل "العبوس": "‏لا تدوس على طرف لوياك... حتى لا أسبب لك صداعاً مزمناً".

وعلى صعيد المجتمع المدني، رفض الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ "محاولات الإرهاب الفكري التي يمارسها بعض نواب الإسلام السياسي تجاه لوياك ورئيستها"، مؤكداً أن "هذه المحاولات تعكس نهج هؤلاء النواب ضد كل من يختلف معهم، والفراغ الذي يعيشه بعضهم تشريعياً ورقابياً".

وصرح الصايغ أمس بأن "نواب الإسلام السياسي يحاولون تغطية فشلهم البرلماني عبر خلق أزمات وهمية مع مؤسسات المجتمع المدني الناجحة"، مشيراً إلى أنهم مهما حاولوا ارتداء ثوب الحريات فإنهم ينكشفون في أول اختبار، ويعودون إلى فهمهم الضيق والمتشدد وممارستهم للإرهاب الفكري".

الدستور يكفل الحريات

• المادة 7: "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين".

• المادة 30: "الحرية الشخصية مكفولة".

• المادة 36: "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون".