السعودية تهدد بالتخلي عن الدولار إذا أقر «نوبك»

القانون المزمع يجعل دول «أوبك» عرضة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار

نشر في 07-04-2019
آخر تحديث 07-04-2019 | 00:00
No Image Caption
رغم أن مشروع القانون لم يتحول قط إلى قانون رغم المحاولات المتعددة، فقد اكتسب زخماً منذ تولى الرئيس دونالد ترامب منصبه.
قالت ثلاثة مصادر مطلعة على سياسة السعودية في مجال الطاقة، إن المملكة تهدد ببيع النفط بعملات أخرى غير الدولار إذا أقرت واشنطن قانوناً يجعل الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» عرضة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة.

وأضافت المصادر، أن عدداً من كبار مسؤولي الطاقة السعوديين تناقشوا حول خيار التخلي عن الدولار في الأشهر الأخيرة.

وأفاد مصدران بأن الخطة نُوقشت مع أعضاء في «أوبك»، في حين صرح مصدر مطلع على سياسة النفط السعودية بأن الرياض ناقشت الأمر أيضاً مع مسؤولين أميركيين كبار في مجال الطاقة.

واحتمالات دخول مشروع القانون الأميركي المعروف باسم «نوبك» حيز التنفيذ ضئيلة، كما أن من المستبعد أن تمضي السعودية قدماً في تهديدها، لكن مجرد بحث الرياض مثل هذه الخطوة الصارمة يعد دلالة على انزعاجها من التهديدات القانونية الأميركية المحتملة لأوبك.

وإذا تخلت الرياض عن بيع النفط بالدولار، وهو أمر مستبعد، فمن شأن هذا تقويض وضع الدولار كعملة أساسية للاحتياطي العالمي وتقليص نفوذ واشنطن في التجارة العالمية وإضعاف قدرتها على إنفاذ العقوبات على حكومات الدول.

وقال أحد المصادر المطلعة على المسألة: «السعوديون يعرفون أن الدولار لديهم كخيار نووي».

وقال مصدر آخر «السعوديون يقولون: لندع الأميركيين يقرون نوبك وسيكون الانهيار من نصيب الاقتصاد الأميركي».

ولم ترد وزارة الطاقة السعودية على طلب بالتعليق.

وقال مسؤول بوزارة الخارجة الأميركية: «كمبدأ عام، لا نعلق على التشريعات التي لم يبت في أمرها».

ولم ترد وزارة الطاقة الأميركية على طلب بالتعليق. وكان وزير الطاقة ريك بيري قد قال إن قانون نوبك قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة.

هيمنة الدولار

«نوبك»، أو قانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط، أول ما أُعلن في عام 2000 بهدف نزع الحصانة السيادية عن قانون مكافحة الاحتكار الأميركي، مما يمهد الطريق أمام مقاضاة دول «أوبك» لكبح الإنتاج الذي يهدف إلى رفع أسعار النفط.

ورغم أن مشروع القانون لم يتحول قط إلى قانون رغم المحاولات المتعددة، فقد اكتسب زخماً منذ تولى الرئيس دونالد ترامب منصبه. وقال ترامب إنه يدعم نوبك وذلك في كتاب نشر عام 2011 قبل انتخابه للرئاسة، وإن كان لم يعلن تأييده للفكرة كرئيس.

وبدلاً من ذلك، شدد ترامب على أهمية العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، بما في ذلك بيع معدات عسكرية أميركية، حتى بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في العام الماضي.

وسيلقى تحرك السعودية للتخلي عن الدولار تجاوباً جيداً من جانب منتجين كبار للنفط من خارج أوبك مثل روسيا وكذلك من مستهلكي الخام الكبيرين الصين والاتحاد الأوروبي اللذين دعيا لتحركات لتنويع التجارة العالمية بعيداً عن الدولار لتقليص النفوذ الأميركي على الاقتصاد العالمي.

وسعت روسيا، الخاضعة لعقوبات أميركية، لبيع النفط باليورو واليوان الصيني لكن حجم مبيعاتها بالعملتين ليس كبيراً.

وتبيع فنزويلا وإيران، اللتان تخضعان أيضاً لعقوبات أميركية، معظم نفطهما بعملات أخرى لكنهما لم تبذلا سوى القليل من الجهد لتحدي هيمنة الدولار في سوق النفط.

لكن إذا انضمت السعودية، حليفة الولايات المتحدة منذ أمد طويل، إلى مجموعة بائعي النفط بغير الدولار فستكون تلك خطوة أهم بكثير ومن المرجح أن تكسب زخماً داخل هذا القطاع.

ماذا لو؟

تسيطر السعودية على 10 في المئة من إنتاج النفط العالمي، مما يضعها على قدم المساواة تقريباً مع منافستيها الرئيسيتين وهما الولايات المتحدة وروسيا. وتحمل شركتها النفطية أرامكو السعودية لقب أكبر مصدر للنفط في العالم بمبيعات قيمتها 356 مليار دولار العام الماضي.

وبناء على الأسعار، يمثل النفط ما يتراوح بين 2 إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفقاً للتقديرات. وعند السعر الحالي البالغ 70 دولاراً للبرميل، فإن القيمة السنوية لإنتاج النفط العالمي 2.5 تريليون دولار.

ولا يجري تداول كل تلك الكميات النفطية بالعملة الأميركية لكن 60 في المئة منها على الأقل يجري تداولها عبر ناقلات وخطوط أنابيب عالمية مع إبرام معظم تلك الصفقات بالدولار.

والتداول في المشتقات مثل العقود الآجلة للنفط والخيارات مقوم بالدولار بشكل أساسي.

وتداولت بورصتا آي.سي.إي وسي.إم.إي، أكبر بورصتين للطاقة في العالم، مليار كمية مكافئة من المشتقات النفطية في عام 2018 بقيمة اسمية بلغت نحو خمسة تريليونات دولار.

وكان لمجرد احتمال وضع قانون «نوبك» تداعيات على أوبك. وانسحبت قطر، أحد الأعضاء الخليجيين الرئيسيين في المنظمة، من أوبك في ديسمبر خشية أن يضر نوبك بخططها للتوسع في الولايات المتحدة.

وقال مصدران، إنه على الرغم من تهديد السعودية بالتخلي عن الدولار فإنها لا تعتقد أنها ستكون في حاجة للمضي في تنفيذ هذا التهديد.

وقال أحد المصدرين «لا أعتقد أن قانون نوبك سيجري تمريره لكن السعوديين لديهم سيناريوهات (ماذا لو؟)»

بيع أصول

وفي حالة إقدام السعودية على هذه الخطوة الصارمة، فسوف يتطلب الأمر بعض الوقت ليظهر تأثيرها نظراً إلى وجود ممارسات مستمرة منذ عقود في القطاع ترتكز على الدولار الأميركي من الإقراض إلى عمليات المقاصة في البورصات.

وقال المصدران، إن التهديدات المحتملة الأخرى التي أُثيرت خلال المناقشات السعودية بشأن الرد على قانون «نوبك» تشمل تسييل حيازات المملكة في الولايات المتحدة.

وتملك السعودية استثمارات بنحو تريليون دولار في الولايات المتحدة ولديها حيازات تبلغ نحو 160 مليار دولار في أدوات الخزانة الأميركية.

وذكر المصدران أنه إذا نفذت الرياض تهديدها، فسوف يتعين عليها أيضاً أن تتخلى عن ربط الريال السعودي بالدولار. ويجري تداول الريال السعودي عند سعر صرف ثابت منذ عام 1986.

وتعتمد الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بكثافة على إمدادات السعودية وأوبك منذ عقود وتدعم الرياض عسكرياً في الوقت نفسه في مواجهة غريمتها إيران.

لكن ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة قلص اعتماد واشنطن على «أوبك» وأتاح لها أن تكون أكثر حزماً في تعاملها مع السعودية وغيرها من دول الشرق الأوسط.

وعلى مدى العام المنصرم، دعا ترامب أوبك مراراً إلى ضخ المزيد من النفط لخفض أسعار الخام العالمية وربط مطالبه بالدعم السياسي للرياض، وهو أمر امتنعت الإدارات الأميركية السابقة عن فعله على الأقل على نحو علني.

على مدى العام المنصرم دعا ترامب «أوبك» مراراً إلى ضخ المزيد من النفط لخفض أسعار الخام العالمية
back to top