بدأت الحركات اليمينية المتطرفة والشعبوية الأوروبية حملتها لانتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة 23 مايو المقبل، مدعومة بشعبية قوية واستطلاعات للرأي مؤاتية، لكنها تجد صعوبة في تخطي انقساماتها.

وافتتحت الحملة أمس بتجمع نظمه حزب "البديل من أجل المانيا" (AFD) من أقصى اليمين في أوفنبورغ بولاية بادن فورتمبرغ (جنوب) لإطلاق حملته بعد دخوله المدوي إلى الساحة السياسية الألمانية عام 2015.

Ad

ويأمل "البديل" تثبيت هذا الاختراق في ظل استطلاعات للرأي تمنحه 10% من نوايا التصويت، ولو أن هذه النسبة في تراجع منذ بضعة أشهر، ويأمل الحصول على ربع أصوات الناخبين في مقاطعات ألمانيا الشرقية سابقا.

لقاء ميلانو

وبعد يومين، يجمع وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني زعيم حزب "الرابطة" (ليغا)، الذي تتوقع استطلاعات الرأي نيله أكثر من 30% من الأصوات، في ميلانو حلفاء أوروبيين، سعيا لوضع أسس كتلة كبرى في البرلمان الأوروبي المقبل يمكنها التأثير على قرارات المفوضية الأوروبية.

وفي البرلمان المنتهية ولايته، ينقسم "التيار السيادي" إلى ثلاث كتل. ويعتزم "الرابطة"، العضو في كتلة "أوروبا الأمم والحريات"، مد اليد خصوصا لحزب "الفنلنديين الحقيقيين" و"الحزب الشعبوي" الدنماركي، وهما حاليا في كتلة "المحافظين والإصلاحيين".

ويشارك يورغ مويتن، الذي يتصدر لائحة "البديل" في "لقاء ميلانو"، بينما تغيب عنه رئيسة "التجمع الوطني الفرنسي" (RN) مارين لوبن التي تأمل الحلول في طليعة النتائج الانتخابية في فرنسا 26 مايو.

غير أن "لقاء وديا" جمع أمس الأول بين لوبن وسالفيني اللذين يتنافسان على زعامة اليمين المتطرف الأوروبي، ومن المتوقع أن يشاركا في "تظاهرة مشتركة" في مايو.

ورغم أوجه الشبه الواضحة، مثل التشكيك في جدوى أوروبا ومعاداة الإسلام، فإن وحدة الصف ليست بالأمر اليسير بين هذه الحركات.

ولفت مويتن إلى أن هذه الأحزاب الموزعة بين الدول الأوروبية "لديها مواقف متماثلة أو متشابهة في سياسة الهجرة، لكنها مختلفة جدا في المجالات الأخرى".

فالفارق شاسع مثلا بين "البديل" المؤيد لاقتصاد السوق، و"التجمع الوطني" الداعي للحمائية، و"الرابطة" و"فيديس" المجري الأكثر ليبرالية بكثير، كما أن "الرابطة" و"حزب العدالة والقانون" البولندي يتمسكان بجذور أوروبا المسيحية، في حين أن "التجمع الوطني" لا يجعل منها أولوية منادياً بالعلمانية.

وحتى في سياسة الهجرة، ثمة انقسامات عميقة بين "الرابطة" المؤيد لتوزيع طالبي اللجوء على دول أوروبا، و"التجمع الوطني" و"البديل" المعارضين لذلك.

وهذا ما يدفع كلا من هذه الأحزاب والتيارات إلى السعي لكسب حلفاء جدد لتعزيز كتلته الخاصة.

لا تسونامي

وأدرك المحافظون في "الحزب الشعبي الأوروبي" هذا الأمر، وهذا ما جعلهم يعلقون عضوية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بدون الوصول إلى حد استبعاده رغم استفزازاته المتكررة، حتى لا ينتقل ليعزز صفوف إحدى كتل "التيار السيادي".

وإن كانت أحجام الكتل قد تتبدل قليلا في البرلمان الأوروبي، فمن المستبعد حصول "تسونامي يميني متطرف" حذر منه العديد من المراقبين لفترة طويلة.

كما أن مأزق بريكست وما يرافقه من فوضى وغموض، له مفعول رادع لأي دعوات للخروج من الاتحاد الأوروبي، وبات العديد من السياديين يمتنعون عن المطالبة بالانفصال، وأبرزهم مارين لوبن التي تخلت عن الحديث عن "فريكسيت".

لكن سفين هاتن، الخبير السياسي في جامعة برلين الحرة، حذر من استخلاص العبر بشكل متسرع، معتبرا أن الدعوات للخروج من أوروبا قد تطرح مجددا في المستقبل، لافتا إلى أن صعوبات بريكست قد تستخدم "لتعزيز الشعور بأن الاتحاد الأوروبي لا يحترم إرادة الدول ولا الناخبين".