لا يمكنك عندما تطلع على خبر إعادة رفات جندي الاحتلال الصهيوني زخاري بوميل إلى إسرائيل، بواسطة القوات الخاصة الروسية، وتعاون النظام السوري، ومباركة حزب الله اللبناني، إلا أن تشعر بخزي بسبب كيفية استخدام أعدائنا وحلفائهم عصبياتنا الطائفية، لتدميرنا وإشعال الحروب بيننا، حتى يتمكنوا من تقسيم هذه الأمة وإضعافها والسيطرة عليها.عملية "اللحن المعزوف"، التي أطلقها الجيش الإسرائيلي لإعادة الرفات إلى الأراضي التي تحتلها في فلسطين، هي فعلاً معزوفة تمثل فشلنا وسيطرة الطوائف على المشهد العربي، فبعد 50 سنة من حكم العلويين "المقاوم والممانع" في سورية انتهى الأمر بسيطرة الاحتلال على الجولان، وقتله ما يقرب من مليون سوري، وتهجيره سبعة ملايين آخرين خارج بلدهم، وتدمير سورية ومدنها جميعاً، ما عدا الشريط الساحلي الذي تحتمي فيه طائفته، وإنتاجه حركات أصولية من نهر البارد في لبنان حتى البوكمال على حدوده مع العراق، ليغطي على جرائمه في لبنان، ولاحقاً ليستدعي العالم ليقاتل شعبه حتى يفوز بمقعد متهاو يحرسه الأجانب الذين يحتلون وطنه.
وفي جارته الصغيرة لبنان أصبح سيد المقاومة يحرس حدود إسرائيل من نهر الليطاني، وهو ما كانت تريده إسرائيل عندما احتلت جنوب لبنان 1982 بخلق شريط آمن للحدود الإسرائيلية، فيما عدا مناوشات وتأمين مواقع متحركة تدعم المفاوض الإيراني عند الطلب، وأذكر عندما شاركت في عام 2000 في وفد يمثل الصحافيين الكويتيين لتهنئة الزملاء اللبنانيين بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، ناقشت الرأي مع عدد محدود من الزملاء، وقلت: "إن ميليشيا طائفية محصورة في مناطق محددة لا يمكن أن تكون قوى تحرير، بل هي خزان لحروب طائفية مدمرة ستقع في المنطقة، والقضية الفلسطينية ما هي إلا وسيلة لاكتساب الشرعية والترويج الجماهيري، والشهداء اللبنانيون الذين ضحوا بأنفسهم هم ثمن للمشروع الطائفي الإيراني الكبير في المنطقة".وبالفعل كان حزب الله هو أداة إشعال الحرب الأهلية في سورية، ومفجرها أو داعمها في البحرين واليمن والعراق، بينما كانت قوة المراوغة والدهاء الأخرى، وهي روسيا، التي كانت أول من اعترف بالكيان الصهيوني في الأمم المتحدة عام 1948، تمارس كل قوتها في قتل الشعب السوري ودعم إسرائيل، وتقديم أفضل خدمة تاريخية لها عبر تدمير الشام وقتل شعبه، ووضعها شرطاً أول وخطاً أحمر لها في جميع مفاوضات القضية السورية مفاده أن "السٌنة" لا يمكنهم حكم سورية، وهو نفس المطلب الإسرائيلي.موسكو التي طالما تلاعبت بقضايا العرب لخدمة تل أبيب بشكل غير مباشر، ودمرت وأرهقت جمال عبدالناصر حتى تبيعه السلاح الحديث لمواجهة إسرائيل وحماية أرضه، وهي عصب الهجرة لمد إسرائيل بالقوة البشرية، وحالياً صواريخها 300 إس، الموجودة في سورية تنقطع عنها الكهرباء عندما تهاجم الطائرات والصواريخ الإسرائيلية المواقع السورية، كل ذلك يفضح التحالف الروسي – الإسرائيلي الوثيق، ويوضح الهدية القيمة التي قدمها فلاديمير بوتين وبشار الأسد لبنيامين نتنياهو قبل الانتخابات الإسرائيلية بأيام، وهو ما يؤكد أن أهم مطالب إسرائيل الاستراتيجية هو حكم الأقليات على حدودها، سواء كانوا العلويين في سورية، أو أنصار ولاية الفقيه في لبنان، وهو أمر تدعمه روسيا وتحققه لها على الأرض، وما الحديث عن المقاومة والممانعة إلا وسائل "تكيف عقلية" للأغبياء، وأدوات يستخدمها الطائفيون والعملاء ومستغلو الظروف لخدمة مصالحهم.
أخر كلام
زعيم الممانعة... وسيد المقاومة!
07-04-2019