طرابلس: حفتر يستخدم الطيران والسراج يطلق عملية مضادة

• اتصالات دولية لوقف القتال والأمم المتحدة تطلب هدنة عاجلة
• المسماري: الكلمة للميدان

نشر في 08-04-2019
آخر تحديث 08-04-2019 | 00:03
قوات من بنغازي تستعد للتوجه إلى طرابلس أمس (رويترز)
قوات من بنغازي تستعد للتوجه إلى طرابلس أمس (رويترز)
غداة اتّهام رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبيّة فايز السراج له بنقض العهد وإعلان حرب لا رابح فيها، قرر قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر إدخال سلاح الجو في معركته لإخضاع العاصمة طرابلس، التي ردت بعملية مضادة تحت اسم «بركان الغضب».
في تطور ميداني لافت، أعلنت قوات شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر أمس، بدء عمليات "الجيش الوطني" الجوية فوق العاصمة طرابلس، تزامناً مع إطلاق حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، عملية مضادة لاستعادة زمام الأمور، وقيام طائراتها للمرة الثانية بضرب المطار الخارج عن الخدمة منذ عام 2014.

واستهل الطيران التابع لحفتر، المتحالف مع حكومة الشرق الموازية في طبرق، عملياته الجوية بغارة على أحد أحياء طرابلس ومعسكر النقلية التابع لقوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً جنوبها، بحسب "قناة الأحرار"، التي أكدت عدم وقوع خسائر بشرية".

وقال مصدر عسكري ليبي رفيع المستوى لوكالة "سبوتنيك" صباح أمس، إن "الطيران الحربي التابع لقوات الجيش الوطني بدأ في عملياته الجوية فوق العاصمة طرابلس منذ لحظات من الآن"، موضحاً أنه "سيقوم باستهداف مواقع وتجمعات آليات تابعة لميليشيات مسلحة في طرابلس".

«بركان الغضب»

وبعد 24 ساعة من تسلم منصبه، أعلن الناطق باسم الجيش التابع لحكومة الوفاق محمد قنونو، أمس، انطلاق عملية "بركان الغضب لتطهير كل المدن الليبية من المعتدين والخارجين عن الشرعية"، مشدداً على "الرفض التام لعسكرة الدولة ودعم المسار المدني الديمقراطي".

وقال قنونو، في مؤتمر صحافي بطرابلس: "سنحافظ على مدنية الدولة، ولن نسمح بعسكرتها، ونعاهد أبناء شعبنا على قدرتنا وجاهزيتنا لدحر العدو وحماية مؤسسات الدولة".

ومع تجاهل قوات حفتر لمطالبات المجتمع الدولي بالتوقف ومواصلتها الزحف نحو طرابلس وتثبيت سيطرتها على مطارها الدولي القديم، شكلت حكومة الوفاق غرفة مشتركة تضم كل المجموعات المسلحة في العاصمة، قبل أن تقصف طائرة حربية تابعة لها لليوم الثاني أمس هذا المطار الخارج عن الخدمة منذ تدميره في 2014.

نجل المشير يقود المعركة

أظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، نجل المشير خليفة حفتر برفقة عدد من الجنود، في منطقة العزيزية بضواحي طرابلس، وأفادت تقارير إعلامية بأن المقدم خالد حفتر هو من يقود معركة طرابلس بـ"اللواء 106 مجحفل".

وعلى خطى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، برز أبناء حفتر في المشهد السياسي الليبي بعد شهور قليلة من صعود نجم والدهم، لاسيما خالد وصدام، الذي يقود "الكتيبة 106" التابعة لقوات "الجيش الوطني".

ووفق مصدر عسكري تابع لقوات السراج، فإنه تم إحراز تقدم في محور طريق المطار. وأكد بيان للكتيبة 155 توغلها بثبات في منطقة وادي الربيع المجاورة وعين زارة الكحيلي واسترجاعها عدداً من تمركزات خصومهم، في معارك أسفرت عن مقتل نحو 19 من قوات شرق ليبيا.

وفي تصعيد للصراع على السلطة، الذي أدى إلى تقسيم ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011، تحركت فصائل مسلحة متحالفة مع حكومة السراج بمركبات مزودة بمدافع آلية من مصراتة باتجاه العاصمة طرابلس للدفاع عنها.

وقبل ساعات، أكدت قوة حماية طرابلس، وهي تحالف موال لحكومة الوفاق، أنّ غارات جوّية "كثيفة" شنّت على "الجيش الوطني" انطلاقًا من مطار معيتيقة في طرابلس ومصراتة.

وعلى وقع إعلان وزارة خارجية حكومة الوفاق عن اتصالات دولية وإقليمية مكثفة لوقف الاقتتال بطرابلس، أطلقت بعثة الأمم المتحدة "نداء عاجلاً" من أجل "هدنة إنسانية" مدة ساعتين في الضاحية الجنوبية للعاصمة طرابلس، داعية "جميع الأطراف العسكرية الموجودة في منطقة وادي الربيع والكايخ وقصر بن غشير والعزيزية إلى احترامها لتأمين إجلاء الجرحى والمدنيين من قبل أجهزة وطواقم الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر الليبي".

«نقض العهد»

في خطاب متلفز، اتّهم السراج، أمس الأول، خصمه حفتر بـ "نقض العهد والطعن في الظهر" وإعلان "حرب لا رابح فيها". وقال: "لقد مددنا أيدينا للسّلام، لكن بعد الاعتداء الذي حصل من القوّات التابعة لحفتر وإعلانه الحرب على مُدننا وعاصمتنا وإعلانه بذلك الانقلاب على الاتّفاق السياسي، لن يجد منّا إلا الحزم والقوّة".

وذكّر السراج بترتيبات توصّل إليها خلال اجتماعات سابقة مع حفتر، آخرها في نهاية فبراير في أبوظبي للعمل خصوصاً على تأليف حكومة موحّدة وتنظيم انتخابات قبل نهاية العام.

واعتبر أنّ المؤتمر الوطني الجامع المقرّر بين 14 و16 أبريل الجاري برعاية مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة يُشكّل مساراً "نحو دولة مستقرّة لبناء دولة مدنيّة وديمقراطية". وقال إنّ حفتر "مدفوعٌ برغباتٍ شخصيّة ونزوات فرديّة" يعمل من أجل تقويض "العمليّة السياسيّة وإغراق البلاد في دوّامة من العنف والحرب المدمّرة".

الحكم الشمولي

وأضاف السراج، المدعوم دولياً، "عندما بدأ الحل يلوح في الأفق واستبشر الليبيون خيرا وتركزت أنظار العالم بأسره على ليبيا وفي أثناء استضافة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فوجئنا بتحركات عسكرية مصحوبة بخطاب تعبوي من حفتر تعود مفرداته إلى زمن الديكتاتوريات والحكم الشمولي يتحدث فيها عن الفتوحات وتحرير مدننا وعاصمتنا من الإرهاب والمجرمين".

واعتبر السراج هذه التحركات العسكرية "انقلاباً على الاتفاق السياسي" وحذر "المتورطين والمشاركين" في الأعمال التي تسبب إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات العامة والخاصة من تقديمهم للقضاء المحلي والدولي.

الكلمة للمعركة

وفي رده على اتهامات السراج، أكد المتحدث باسم قوات شرق ليبيا اللواء أحمد المسماري، أن السراج فشل في نيل الثقة من البرلمان، ولم يكسب أي شرعية منه أو أي جهة رسمية، مشيراً إلى أنه "تحاشى دائماً التوقيع على أي اتفاق مع حفتر".

وقال المسماري، لقناة "الحدث"، "لم يعد بإمكاننا الصبر أكثر على مراوغات السراج، وحسمنا قرارنا معه والكلمة ستكون في المعركة الهامة والمصيرية"، معتبراً أن عملية "طوفان الكرامة مستمرة وتجاوزنا مرحلة التصريحات والسيطرة على طرابلس ستكون أسرع مما تخيلنا".

وأشار إلى ان القصف الجوي لحكومة الوفاق لم يعق تقدم "الجيش الوطني"، مشدداً على حرص القوات على تجنب استخدام السلاح الثقيل في المعارك حفاظاً على أرواح المدنيين.

موقف فرنسي

ووسط أنباء عن تقديم السراج احتجاجاً شديد اللهجة للسفيرة الفرنسية بياتريس دو إيلين على الموقف الداعم لحفتر، تباحث الرئيس إيمانويل ماكرون، أمس الأول، هاتفيا مع الأمين العام للأمم المتحدة وجدّد دعمه للوساطة الأممية في ليبيا، وشدد، بحسب الإليزيه، "على أهمّية التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة الحاليّة وفقا للقانون الإنساني وقرارات مجلس الأمن".

وفي حين اكتفت تركيا، المشغولة بنتائج الانتخابات المحلية، بتحذير رعاياها من السفر إلى ليبيا ووضع الاقتتال الدائر خاصة في محيط طرابلس في الاعتبار، اتهم المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسين عبداللهيان "أميركا بأنها تريد تحرير نسخة أخرى من محاولات زعزعة الاستقرار في فنزويلا، بالتزامن مع ليبيا"، مؤكداً أن "التحشيد العسكري في ليبيا يجعل أوضاعها أكثر تعقيداً، وأن طريق الحل سياسي فقط".

back to top