بعدما تمخضت الفترة الأخيرة عن انكشاف عمليات تزوير عديدة شملت قرارات طبية ومعاملات حكومية في أجهزة الدولة المختلفة، ها هي آفة التلاعب، بما تحمله من خطورة على المجتمع، تظهر في الجداول والكشوف الانتخابية. ورغم قرع جرس الإنذار بشأن هذا المرض، الذي تتفاقم آثاره يوماً بعد آخر، فإن آذان مسؤولي السلطتين التنفيذية والتشريعية لم تسمعه أو لم تشأ أن تسمعه، بدليل أن أي حلول تم اقتراحها لمواجهة ظاهرة نقل الأصوات بين الدوائر كانت تبقى دائماً حبيسة أدراج اللجان البرلمانية، مما يطرح تساؤلاَ مقتضاه: هل هناك تعمد في عدم استعجال مناقشة تلك الحلول أو دفنها؟
في نهاية ديسمبر الماضي قدم عدد من النواب مقترحاً يقضي بأن يكون التصويت في انتخابات أعضاء مجلس الأمة بالبطاقة المدنية بدلاً من الجنسية، مبينين، في مذكرتهم الإيضاحية، أن هذا الاقتراح "يأتي رغبة في تحقيق شفافية العملية الانتخابية والارتقاء بها نحو مزيد من ضمانات النزاهة والعدالة، بعيداً عن أي تلاعب في كشوفات قيد الناخبين أو عمليات نقل قيودهم، فضلاً عن القضاء على ظاهرة شراء الأصوات والتأثير غير القانوني على الناخبين"، لكن المقترح لا يزال حبيساً إلى الآن، ولم يصل إلى قاعة عبدالله السالم.الحلول المجمدة لا تعود إلى العام الماضي فقط، بل إن النائب أحمد الفضل قدم مقترحاً في فبراير ٢٠١٧ ينص على ضرورة أن "يكون عنوان الناخب الثابت في البطاقة المدنية الأصلية متوافقاً مع كشف الهيئة العامة للمعلومات المدنية الخاص ببيان الموطن الانتخابي للناخب".وإلى جانب هذا المقترح، قدم بعض النواب في نوفمبر الماضي تعديلاً يقضي بعدم ممارسة الناخب حقوقه الانتخابية في الموطن الجديد إلا في الانتخابات العامة للفصل التشريعي التالي للفصل الذي تم فيه تغيير الموطن.ولم يقف الأمر عند تلك الاقتراحات التي ظلت حبيسة الأدراج، بل امتدت الحلول إلى الأسئلة البرلمانية، إذ وجه النائب محمد الدلال سؤالاً عن "عملية تسجيل القيود الانتخابية بشكل مخالف"، مستفسراً عن "إجراءات مختار المنطقة للتثبت من صحة عقود الإيجار التي يتقدم بها طالب القيد الانتخابي، وإجراءات الداخلية لمنع نقل القيود الانتخابية المخالفة للقانون، وتسجيل البعض عبر مختار المنطقة أو هيئة المعلومات المدنية دون إذن أو موافقة أو علم مالك وثيقة السكن من المواطنين".وقال الدلال، في مقدمة سؤاله، إن "من أهم القواعد السياسية صحة القاعدة الانتخابية المخولة ممارسة الانتخابات، وكذلك ابتعاد الناخبين عن الممارسات والمخالفات القانونية كالتزوير والكذب والرشوة الانتخابية أو السياسية أو انتحال الهوية الكاذبة أو الإدلاء بمعلومات كاذبة أو مزورة للجهات الرسمية".وأضاف أن عدداً من المواطنين في عدة مناطق سكنية، ومنها جنوب السرة، قدموا شكاوى لدى الجهات الأمنية والهيئة عن تسجيل مواطنين آخرين أسماءهم وقيودهم الانتخابية على وثيقة السكن الخاص بالشاكين دون سابق معرفة أو وجود عقود إيجار موثقة وصحيحة، على نحو كاذب ومخالف للقانون"، مبيناً أن المتضررين راجعوا الجهات الأمنية والمعلومات المدنية لإزالة تلك الأسماء عن منازلهم، ولكن المشكلة ظلت قائمة، عبر بقاء تلك الأسماء مقيدة في القيود الانتخابية، مما يشكل جريمة انتخابية وتزويراً لإرادة الناخبين وإيذاء وتجاوزاً لحقوق المواطنين في مساكنهم.
أخبار الأولى
تلاعب في الجداول الانتخابية!
08-04-2019