تعرضت اتفاقية باريس للمناخ، التي توجت سنوات طويلة من المفاوضات الشاقة والمعقدة، إلى عثرات على طريق التطبيق، كان أولها امتناع روسيا وتركيا عن الانضمام إليها، ثم أعقب ذلك قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب منها بحجة أنها تلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة. وتشترط هذه الاتفاقية، التي أبرمت في ديسمبر من عام 2015 من جانب 195 دولة، أن يقوم الطرف الذي يرغب في الانسحاب منها بإبلاغ أمانة سر اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ بذلك، ولكن ليس قبل مرور ثلاث سنوات على سريان النص الذي تم في الرابع من شهر نوفمبر 2016.
وقال تقرير صدر في عطلة نهاية الأسبوع ونشرته صحيفة الغارديان البريطانية إن "الطبيعة يمكن أن تزودنا بالكثير من الخيارات الفعالة من أجل حل مشكلة تغير المناخ وتداعياتها على كوكب الأرض، وفي أغلب الأحيان ليست هناك حاجة إلى تقنية معقدة ومكلفة وغير مجربة من أجل الوصول إلى هذه الغاية". وكما تعلمنا من خلال عملنا في دول مثل بوتان وكوستا ريكا، فإن بعض الحكومات تستخدم حلولاً مبنية على الطبيعة مثل الغابات من أجل استعادة الكربون، بالتعاون مع السكان المحليين، والتركيز على صلة الطبيعة بالبنية التحتية بغية المساعدة على تفادي تغير كارثي في المناخ، إضافة إلى حماية التنوع الحيوي وخفض الانبعاثات.ويتمثل التحدي الحقيقي في ابعاد سياسة التغير عن الأعمال المطلوبة، وبينما تقوم دول معينة بالعمل الصحيح في هذا السياق تثير خطوات في دول أخرى (مثل البرازيل) مشاعر قلق عميق.ويتعين على المجتمع الدولي التصرف بحذر من أجل دعم حياة السكان المحليين وتمكين المجتمعات من القيام بدور حراس عالم الطبيعة؛ لأن حياتنا تعتمد على ذلك في الواقع.من جهة أخرى، لابد من التذكير بأن دراسة ميدانية أشارت إلى أن اتفاقية باريس للمناخ نصت على خفض متوسط ارتفاع حرارة الأرض بدرجتين مئويتين، ولكن هذا الهدف صعب التحقيق؛ لأنه يتطلب تقليص انبعاثات غازات بيوت الدفيئة من 40 إلى 70 في المئة حتى عام 2050، وهذا يعني بالتالي التخلي بشكل تدريجي عن الطاقات الأحفورية، كما أن الدول المتقدمة تلتزم بتقديم دعم مالي للبلدان النامية من أجل تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ، وقد انتقد ترامب هذه النقطة، وقال إن الولايات المتحدة لن تلتزم بها على أي حال.في غضون ذلك، تسعى مختلف أطراف اتفاقية باريس إلى إيجاد حلول من أجل إنقاذها على أمل تقديم خدمة قيمة حقاً لكوكب الأرض، وتقليص متاعب تغير المناخ إلى أعلى مستوى ممكن.ويرى خبراء المناخ أن التغير الواضح الذي شهده العالم منذ منتصف القرن الماضي يمكن أن يساهم في تدمير البيئة إذا لم تتم مواجهته بسرعة، كما أنهم يطرحون الفكرة القائلة إن المثل الجلي على ذلك يبرز من خلال انهيار الغابات الماطرة التي دمرت الحياة الزراعية والحيوانية، ورفعت منسوب الأخطار البيئية إلى أعلى مستوى، إضافة إلى تعريض صحة الفقراء لضعف شديد مهدد، وازدياد احتمالات حدوث وفيات نتيجة سوء التغذية.إلى ذلك، تناولت دراسات حديثة أخطار التغير المناخي وتأثيره على حياة المجتمعات في المستقبل، ومن هذا المنطلق يتواصل العمل بوتيرة متسارعة الآن من أجل البحث عن ضوء في نهاية النفق يجنب البشرية مزالق الهلاك المحتم، وخاصة في المجتمعات الفقيرة.
اقتصاد
جهود تغير المناخ... بحث عن ضوء في نهاية النفق
09-04-2019