ماضي وتل بسطة تعودان إلى الخريطة السياحية العالمية

آثار أخميم تنبّه إلى المدن الأثرية المهملة

نشر في 09-04-2019
آخر تحديث 09-04-2019 | 00:03
نبهت الاكتشافات الأثرية الأخيرة التي شهدتها مدينة أخميم في صعيد مصر، مسؤولي ومهتمي الآثار، إلى مدن أثرية كاملة توجد بالأقاليم البعيدة عن اهتمامات العاصمة، طالها الإهمال منذ سنوات، وتحتاج الى ترميمات لإعادتها إلى الخريطة السياحية العالمية على غرار أخميم، ومنها مدينتا وتل بسطة، وماضي الأثرية في محافظتي الشرقية والفيوم.

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، إبان إعلان اكتشاف أكثر من 38 موقعا أثريا بأخميم وافتتاح تمثال رمسيس الثاني بعد ترميمة يوم 4 الجاري، أن المدينة أصحبت على خريطة السياحة العالمية.

أخميم

أنشئت مدينة أخميم في عهد مناتيوس، وهو أحد ملوك الفراعنة، وكانت تسمى قديما "مين"، واسمها بالمصرية القديمة "برمين" بمعنى "الإله مين"، وسماها الإغريق "بانوبوليس"، وسماها الأقباط خميم، ومنه اشتق اسمها الحالي أخميم.

ويطلق على أخميم، أرض الحضارات، إذ توالت عليها حضارات العصور الفرعونية والرومانية واليونانية والمسيحية والإسلامية.

وتؤكد الدراسات والحفريات أن المدينة مشيّدة على بحيرة من الآثار، بعضها كشف النقاب عنه، والآخر محفوظ في باطن الأرض.

فتوجد بها العديد من المقابر المصرية القديمة بالجبل الشرقي في السلاموني والديابات، وهناك المعابد الرائعة التي اشتهرت في أخميم، وكانوا يطلقون عليها اسم "بربا".

وتم الكشف عن معبد الملك رمسيس الثاني ومريت أمون، كما عثر على 4 تماثيل، اثنان منها لرمسيس الثاني أعظم ملوك الفراعنة والثالث لامرأة من العصر اليوناني، والرابع للأميرة مريت أمون، الملقبة بالمحبوبة، وهي ابنة الملك رمسيس الثاني، ويبلغ طول تمثالها 11 مترا، ويعتبر أطول تمثال لسيدة فرعونية، ويتميز بجماله ودقة نقوشه.

وقد رممه "المجلس الأعلى للآثار المصرية" ونصبه في مكانه الذي وجد فيه، وبإعادة ترميم تمثال رمسيس الثاني تمت إقامته بجوار ابنته.

وفي أخميم أديرة عدة منها: دير أخميم الذي عرف باســـم "دير أشمين"، وشيده الأسقف أريوس، ودير مينة الذي خصص للراهبات، وأيضا دير السبعة جبال.

وقد عرفت المنطقة التي يقع فيها الدير الأخير باسم "وادي الملوك"، وكان ينمو فيها نبات تستخدم في صباغة الحرير والنسيج باللون الأحمر، وهو نسيج اقتصر استعماله على الملوك والأباطرة في العصر الروماني. وتشهد محافظة سوهاج في الأعوام المقبلة جذبا سياحيا في منطقة أخميم، لاسيما بعد الانتهاء من رصف طريق سوهاج – الغردقة".

مدن تتأهل

بدأت وزارة الآثار تنفيذ المرحلة الثانية والأخيرة، لترميم مدينتي تل بسطة وماضي بمحافظتي الشرقية والفيوم، حيث تنفرد محافظة الشرقية دون غيرها من محافظات الوجه البحري، بوجود 120 موقعا أثريا وأشهرها مدينة تل بسطة.

تقع مدينة تل بسطة في شرق الدلتا على الفرع الشرقي للنيل، على بعد حوالي عشرين كيلومترا من غرب مدخل المحافظة، وما زالت المدينة التي نمت بالقرب منها مدينة الزقازيق الحديثة (عاصمة الشرقية حاليا) يحتفظ باسمه القديم "تل بسطة".

كانت تل بسطة، كما تذكر كتب الآثار، إحدى عواصم مصر القديمة، نظرا لموقعها على مدخل مصر الشرقي، فقد واجهت أفواج القادمين من الشرق عبر سيناء، وعاصرت العديد من الفاتحين والغزاة. وكانت معبرا ومقرا مؤقتا للسيدة مريم العذراء ووليدها المسيح عليهما السلام، عند قدومهما إلى مصر.

وعرفت باسم "برباستت" نسبة لـ "باستت" إله المرح والسعادة والراحة، ثم حرفت الكلمة حديثاً لتصبح "تل بسطة".

من أهم الآثار في منطقة تل بسطة، المعبد الكبير للإله "باستت"، وآثار المعبد الذي شيده الملك خوفو، ومن بعده الملك بيبي، من ملوك الأسرة السادسة، وغيرهما من ملوك مصر القديمة والدولة الوسطى.

وتضم المدينة آثارا ترجع إلى الهكسوس الذين احتلوا مصر، إلى أن أقام الملك رمسيس الثاني في هذه المدينة مباني ضخمة، وبها آثار الملك "أوسركون الثاني"، من ملوك الأسرة 22.

توجد بها بقايا من معبد الإله "ماي حسي"، الواقع على بعد 60 متراً من المعبد الكبير، وكان مخصصاً لعبادة الإله ماي حسي، العضو الثالث في ثالوث "تل بسطة"، وهناك مقصورة الملك أمنحتب الثالث، والمعبد الصغير للإله باستت، وبها جبانة ضخمة للقطط، كانت تتكون من مجموعة من السراديب المحفورة في باطن الأرض، لدفن القطة رمز الإله باستت بعد تحنيطها، وعُثر على الكثير من مومياوات القطط وتماثيل عديدة من البرونز لها.

وأفاد المجلس الأعلي للآثار بأن الوزارة كانت قد بدأت منذ بضعة أشهر مشروع ترميم المدينة لتحويلها إلى متحف مفتوح، ووضعها على خريطة السياحة المحلية والعالمية، بما يتناسب مع أهميتها التاريخية والأثرية، خاصة معظم آثارها الضخمة كانت محطمة ومتناثرة بالموقع، ولا تحظى بزيارة الوفود السياحية.

ومشروع التطوير يشمل ترميم وإعادة تركيب قطع أثرية ومسلات وتماثيل وبلوكات حجرية، في المدينة ومنطقة صان الحجر بجوارها، والتي كانت ملقاة على الرمال منذ قرون طويلة، ورفعها على مصاطب حجرية لحمايتها حتى يتسنى لزوار الموقع رؤيتها بالشكل الأمثل.

ماضي

أما عن مدينة ماضي الأثرية، فأعلنت وزارة الآثار نهاية المرحلة الأولى من مشروع ترميم مدينة ماضي جنوب غرب مدينة الفيوم.

وقال رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم، غريب سنبل، انه تمت معالجة تماثيل الأسود، لأنها فقدت بعض الخواص التماسكية للحجر الجيري، لتعرضها الدائم لعوامل التعرية، مثل أشعة الشمس المباشرة ومياه الأمطار والرياح، كما تمت معالجة الرسوم الجدارية الموجودة على جدران الطوب اللبن التي كانت قديما مساكن للكهنة، وإجراء أعمال التنظيف الميكانيكي والكيميائي لكل عناصر المدينة الأثرية.

وبدأت المرحلة الثانية لترميم وتطوير المدينة لجعلها مزارا سياحيا مميزا يرقى لأن يكون متحفا أثريا لموقع مهم في محافظة تراثية شهدت العديد من الأحداث في العصرين القديم والحديث.

نارموثيس

تعرف مدينة ماضي قديما باسم "نارموثيس"، وتقع جنوب غرب محافظة الفيوم، وتضم أطلال معابد بناها أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع من الأسرة الثانية عشرة. ثم أضيفت إليها إضافات في العصر الروماني، حيث وضعت بها تماثيل أسود لها رؤوس آدمية.

معبد ماضي

تم اكتشاف المعبد الرئيسي بمدينة ماضي عام 1937، بواسطة بعثة جامعة ميلانو، ويتكون المعبد من مبنى ضخم يتصدره عمودان لهما تيجان بريدية تمثل حزمة البريدي، ويوجد مدخل يوصل إلى صالة عرضية تنتهي بثلاثة مقاصير أكبرها المقصورة الوسطي التي عثر بداخلها على تمثال من قطعة واحدة لربة الحصاد رننون، تتوسط كل من الملكين أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع وأمامهم مائدة قربان، وتحمل النقوش في الناحية الغربية كلها اسم الملك أمنمحات الثالث، أما الناحية الشرقية فتحمل اسم الملك أمنمحات الرابع. وزينت المقصورة اليسرى بمناظر تقديم القرابين للإله سوبك وأمامه في الجهة المقابلة يقدم الملك إناء عطور إلى الآلهة رننوت على شكل ثعبان الكوبرا.

بعد ترميمه وعودته إلى ابنته «المحبوبة» رمسيس الثاني ينعش السياحة في الأقاليم المصرية
back to top