مرافعة : إنشاء مجلس دستوري وتطوير القضاء!
بعد سماح قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 14/ 1973، والمعدَّل في القانون رقم 109/ 2014، للأفراد بالطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية، بات مهما على المشرِّع الكويتي النظر في إمكان تعديل أحكام هذا القانون، بما يقرر الاستقلالية المالية والإدارية للمحكمة الدستورية، مع تعيين أعضاء متفرغين لها، مواكبة للأعمال الجديدة التي باتت تمارسها هذه المحكمة. والمحكمة الدستورية لم تعد تمارس اختصاصات استثنائية بمناسبة ظروف تقررها محاكم الموضوع بجدية الدفع بعدم الدستورية لكي يصل المتقاضي إليها، أو أنها تعمل بمناسبة طعون انتخابية، بل أصبح التقاضي اليوم أمام المحكمة الدستورية، كالقضاء الموضوعي، ميسورا وسهلا للجميع، إن لم يكن طعنا انتخابيا كان طعنا دستوريا مباشرا أو غير مباشر، أو حتى طعنا أمام لجنة فحص طعون، وهو الأمر الذي بات يستلزم، تبعا لذلك، التفكير في تطوير المحكمة الدستورية، شأنها شأن باقي المحاكم الدستورية في العالم.
والتطور الطبيعي لأي قضاء دستوري يكون بتطوير اختصاصات المحكمة، وإيجاد أجهزة تابعة لها، كإنشاء جهاز معاون للمحكمة الدستورية، كهيئة مفوضين لتحضير الدعوى لهيئة المحكمة، أو تطوير الجهاز الفني المعاون للمحكمة الدستورية حاليا بكيان منظم قانونيا، وبإجراءات يرسمها القانون، فضلا عن ربطها بالمحاكم الدستورية الخارجية، وإنشاء معهد تدريب للقضاء الدستوري، لخلق كادر قضائي فني من قضاة المحكمة الكلية ومحكمة الاستئناف أو التمييز يخلفون قضاة المحكمة الدستورية الحاليين.كما أن التفكير في تطوير المحكمة الدستورية يستلزم إيجاد موقع إلكتروني لها يسمح للباحثين من داخل الكويت وخارجها بالاطلاع على الأحكام والقرارات التي أصدرتها المحكمة الدستورية، والتي تضاهي العديد من الأحكام التي أصدرها القضاء المقارن في العديد من الطعون الانتخابية أو الدستورية، أو قرارات التفسير، فوضع تلك الأحكام في المكتبات أو بمجلدات ليس كافيا لاستعانة الباحثين بها، فالواقع العملي اليوم يفرض إتاحتها، واطلاع الجميع عليها، بما يسمح العمل بمضمونها فور صدورها من المحكمة.العديد من الدول طوَّرت قضاءها الدستوري إلى مجلس دستوري يراعى في تشكيله ضم عناصر سياسية وأكاديمية وقانونية، للوصول إلى قضاء يلائم الوضع العام، ولا يلائم الوضع القانوني والدستوري فقط، وهو وضع تسمح به المذكرة التفسيرية للمادة 173 من الدستور الكويتي، وبإمكان المشرِّع الكويتي التفكير فيه، لكونه التطور الطبيعي للقضاء الدستوري، على الأقل في السنوات الـ 10 المقبلة، خصوصا أن الكويت لديها العديد من القضاة والمستشارين والأكاديميين والخبرات السياسية المحايدة التي تتمتع بالكفاءة، والتي بالإمكان التفكير في إشراكها.