«مقبرة توتو» أحدث الاكتشافات الأثرية في مصر
تعود لعصر البطالمة قبل 2500 عام ولا تزال تحتفظ بنقوشها
في خطوة من شأنها تعزيز وضع مصر على خريطة السياحة الأثرية في العالم، أعلنت وزارة الآثار اكتشاف مقبرة لرجل يُدعى توتو وزوجته، في محافظة سوهاج بصعيد مصر، تعود إلى عصر البطالمة قبل 2500 عام، ولا تزال بحالة جيدة، وتحتفظ بنقوشها وألوانها الزاهية، واهتمت وسائل الإعلام العالمية بتغطية الحدث.
تبدو قصة الوصول إلى هذه المقبرة الأثرية في قمة الغرابة، إذ أعلنت وزارة الآثار المصرية أخيراً اكتشاف مقبرة يُعتقد أنها تعود إلى الفترة الأولى من العصر البطلمي (323 إلى 30 قبل الميلاد)، في منطقة "الديابات" قرب مدينة سوهاج في صعيد مصر، وهي واحدة من بين سبع مقابر اكتشفت في المنطقة ذاتها خلال أكتوبر الماضي، عندما ضبطت وزارة الداخلية المصرية عصابة متخصصة في التنقيب عن الآثار كانت تمارس أعمال حفر غير قانوني بحثاً عن آثار، بغرض تهريبها وتحقيق مكاسب مادية ضخمة.وقالت السلطات المصرية، إن المقبرة شُيدت لرجل يُدعى "توتو" وزوجته "تا - شريت إيزيس"، وتحمل جدرانها نقوشاً جميلة تصوِّر مواكب جنائزية وصوراً لمالكها يعمل في الحقول إلى جانب سلسلة نسب أسرته مكتوبة باللغة الهيروغليفية، وأكدت السلطات أن المقبرة بحالة جيدة.من جانبه، وصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري المقبرة بأنها تتميز بجمال نقوشها وألوانها الزاهية، حيث صُور على جانبي مداخلها مشهدان يصوران الإله أنوبيس يستقبل "توتو" مرة، و"تا - شريت إيزيس" مرة أخرى، بالإضافة إلى منظر المحاكمة أمام الإله أوزوريس وخلفه الإبنتان إيزيس ونفتيس، كما تحمل النقوش أيضاً أسماء بعض أفراد عائلة صاحبيّ المقبرة، ومنها اسمي أبويهما.
وأوضح وزيري أن المقبرة تتكون من بهو مركزي وغرفة دفن بها تابوتان حجريان، والبهو ينقسم إلى قسمين، وتصور النقوش صاحب غرفة الدفن، توتو، وهو يقدم ويتلقى الهدايا من الآلهة، موضحاً أن وظيفة زوجة صاحب المقبرة كانت عازفة الصلاصل الخاصة لدى الإلهة حتحور، (تُعرف الصلاصل في الثقافة المصرية الشعبية باسم "الشخشيخة")، بينما لا تُعرف وظيفة صاحب المقبرة.وتابع وزيري: "إلى جانب المقبرة، عثر أيضاً على 50 حيواناً وطائراً محنطاً، منها طائر أبومنجل الذي اعتبر المصريون القدماء أحد أشكال الإله حورس وأن له قدرة على علاج العمى، لذلك قدسوه، إلى جانب صقور وفئران صغيرة الحجم يطلق عليها "الزباب" وهو يستطيع أن يمشي بسرعة ليلاً، مما دفع بالمصري القديم لأن يعبده ويقدسه، وله العديد من المومياوات المشابهة في العديد من المقابر الأخرى.وخلال الإعلان عن كشف المقبرة الذي قامت بتغطيته العديد من القنوات الفضائية العالمية تم عرض مومياوتين، إحداهما لامرأة يتراوح عمرها بين 35 عاماً و50 عاماً، والأخرى لطفل عمره ما بين 12 و14 عاماً، خارج غرفة الدفن في منطقة صحراوية قرب النيل على بعد نحو 390 كيلومتراً جنوبي القاهرة. وعرضت قنوات أبرزها "سكاي نيوز عربية" و"روسيا اليوم" و"يورونيوز" تقارير على شاشاتها، تظهر الاكتشاف الأثري الجديد، وأشارت إلى أنه ينضم إلى بقية الاكتشافات الأثرية الكبيرة التي تم الإعلان عنها في مصر خلال الفترة الأخيرة، بما يؤكد عظمة الحضارة المصرية القديمة، وروعة الآثار المصرية التي تبهر الجميع، ويقصدها السائحون من كل دول العالم لرؤيتها.وتعوِّل الحكومة المصرية على هذه الاكتشافات لجذب السياحة الأجنبية، التي تراجعت في مصر، إثر ثورة 25 يناير 2011 على وقع الاضطرابات السياسية. لكن قطاع السياحة شهد تحسناً نسبياً من العام الماضي.
حتحور... إلهة الحب والجمال والموسيقى
تعتبر حتحور واحدة من أشهر الآلهة التي كان يعبدها القدماء المصريون قبل آلاف السنين، لكن اكتشاف مقبرة توتو التي كانت زوجته تعمل كعازفة خاصة لحتحور، لفتت الأنظار إليها أخيراً، إذ كانت إلهة السماء، والحب، والجمال، والموسيقى، والسعادة، والأمومة والخصوبة، وعبادتها كانت ما بين مدينة الأشمونين قرب محافظة الفيوم، ومدينة أبيدوس قرب محافظة سوهاج.وقد صُورت المعبودة حتحور تارة في شكل بقرة، وتارة في صورة امرأة لها أذنا بقرة أو على رأسها قرنان. ومازال اسمها حياً في اسم ثالث شهور السنة القبطية (هاتور) وتدخل في التقويم المصري الحديث.
الجدران تحمل نقوشاً تصوِّر زوجة توتو أثناء العزف على "الشخشيخة"