دلالات نتائج الانتخابات التركية
من أسباب انخفاض شعبية حزب العدالة والتنمية فيما يتصل بالسياسة الخارجية السياسة التي انتهجها الرئيس التركي، فقد دمر العلاقة بين تركيا ودول عربية مهمة مثل مصر والسعودية والإمارات بدون مبرر سوى أنها تعادي جماعة الإخوان المسلمين.
أظهرت نتائج الانتخابات المحلية التركية هزيمة حزب الرئيس التركي في المدن الكبرى، أنقرة العاصمة السياسية، وهي أول مرة يفقد فيها أنقرة منذ تأسس الحزب 2001، وفقد إسطنبول العاصمة الاقتصادية التي كان الرئيس أردوغان رئيس بلديتها قبل أن يصبح رئيسا للوزراء، ثم رئيسا للجمهورية، وبنى منها مجده وصعوده السياسي بعد أن حولها من مدينة مهملة إلى قبلة للسياحة، كما خسر أنطاليا وأضنة وأزمير وبعض البلديات التي دأب الحزب على الفوز بها. قد لا تعطي نتائج هذه الانتخابات بصفتها انتخابات محلية لا برلمانية مؤشراً واضحاً يدل على ضعف شعبية حزب العدالة والتنمية، وبالتالي ممكن البناء عليها على أن الحزب في ضوء تلك النتائج سيخسر الانتخابات القادمة. لولا أن أردوغان نفسه قد أعطاها تلك الأهمية فصور تلك الانتخابات على أساس أنها معركة حياة أو موت، وعلى هذا الأساس قد نرى أن نتائج تلك الانتخابات قد تكون بمثابة استفتاء شعبي يعكس توجهات الشعب التركي، ومدى رضاه عن السياسات التي ينتهجها الحزب.
ولعل من أسباب انخفاض شعبية حزب العدالة والتنمية فيما يتصل بالسياسة الخارجية السياسة التي انتهجها الرئيس التركي، فقد دمر العلاقة بين تركيا ودول عربية مهمة مثل مصر والسعودية والإمارات بدون مبرر سوى أنها تعادي جماعة الإخوان المسلمين. ويرجع سبب عداء هذه الدول لهذه الجماعة أن الأيديولوجية التي تؤمن بها هذه الجماعة تجعلها لا تؤمن بالدولة الوطنية، ولا تحترم حدودها وترابها، إذ تأسست تلك الجماعة بعد سقوط دولة الخلافة بسنوات قليلة، فكان هدفها عودة دولة الخلافة بأي وسيلة، فهي تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، ودخلت بسبب ذلك في صراع بينها وبين كثير من الأنظمة. الآن بعد مرور قرن من الزمن على سقوط الخلافة تعمق الولاء للدولة الوطنية وأصبح التفكير بعودة دولة الخلافة نوعاً من الخيال والأحلام، أما جماعة الإخوان فمازالت متمسكة بها ودخلت في معارك مع كثير من الدول، مما دفع تلك الدول إلى تصنيفها بجماعة إرهابية. احتضن الرئيس التركي الجماعة وانتقل نشاطها إلى إسطنبول، ووجه خطابات نقد للرئيس المصري من أسوئها الخطاب الذي وجهه لقادة الاتحاد الأوروبي لحضورهم اجتماع شرم الشيخ مع القادة العرب. والجدير بالذكر أن القيادة المصرية والسعودية لم ترد على خطابات الرئيس التركي واكتفت بتصريحات وزراء الخارجية. أما بالنسبة إلى أهم أسباب تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية التي تعزى إلى سياساته على الصعيد الداخلي وعلاقاته بالشعب التركي بمختلف أطيافه ومكوناته، فقد تميزت بالحدة والعنف وتصفية الخصوم وإسكات كل الأصوات المعارضة، وخصوصاً بعد واقعة الانقلاب الفاشل. لذلك قال رئيس حزب الشعب الجمهوري بعد فوز حزبه في أنقرة: "إن الشعب صوّت لمصلحة الديمقراطية"، يضاف إلى تلك الأسباب التراجع والركود الذي أصاب الاقتصاد التركي، ونأمل أن تكون تلك النتائج دافعا للإصلاح، فتركيا دولة محورية، وتطورها سيسهم في تطور المنطقة.