لم ينطلق تحذير رئيس الحكومة سعد الحريري من أننا "إذا لم نتدارك الوضع فلسنا بعيدين عما حصل في اليونان"، من عدم، فهو موجه في الدرجة الأولى إلى السياسيين لتقديم تنازلات لمصلحة خفض العجز في الموازنة، في ظل ارتفاع للدين العام بلغ حده الأقصى.

وقالت مصادر سياسية متابعة إن "القوى السياسية من دون استثناء تدرك هذا الواقع، وباتت تتصرف على هديه، بعدما بلغت التحذيرات الدولية، ولا سيما من المؤسسات والصناديق المالية، سقفها الأعلى، حينما نقل موفدوها ممن زاروا لبنان أخيراً رسائل في هذا الاتجاه بلغت مسامع القوى المشار اليها التي لا يمكن إلا أن تتهيب حراجة الموقف ودقة الوضع وتعمد الى تسهيل الاقتراحات وفتح درب الاصلاحات، بعيدا من المصالح الفئوية والحسابات السياسية والحزبية الضيقة التي قادتهم في مرحلة سابقة الى خطوات مالية أرهقت خزينة الدولة لغايات انتخابية كان أشدها وطأة سلسلة الرتب والرواتب والتوظيفات العشوائية".

Ad

وتوقعت المصادر أن "تعبر الموازنة بسهولة من معبر التحفظات السياسية المعهودة، تحت وطأة سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، إذا انتقل الواقع المالي من المأزوم الى الميؤوس منه". وختمت: "خطة الكهرباء شكلت اول مدماك في بناء اعادة الثقة، على ان تليها الموازنة والالتزام بالاجندة الدولية للاصلاحات، وآنذاك تصبح الاستثمارات متاحة ومساعدات المؤتمرات الدولية غير بعيدة المنال".

في سياق متصل، تتجه الأنظار إلى مدينة طرابلس، حيث ستشهد المدينة بعد غد انتخابات فرعية لملء المقعد السني الذي شغر بعد قرار المجلس الدستوري إبطال نيابية ديما جمالي. وتصب كل التوقعات في مصلحة مرشحة "تيار المستقبل" جمالي، فالأرضية السياسية الطرابلسية باتت مهيأة للانتخابات، وذلك بعد إعلان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وقوفه الى جانب رئيس الحكومة سعد الحريري والطلب من كوادره ومناصريه "ترجمة الكلمة التي أعطاها له في صناديق الاقتراع"، إضافة الى النائب السابق محمد الصفدي، والوزير السابق اللواء أشرف ريفي الذي تخلى عن الترشح وآثر دعم جمالي بعد المصالحة التي جرت مع زعيم "المستقبل". وبذلك تصبح المنافسة محصورة بين "المستقبل" وحلفائه وبين مجموعة من المرشحين المستقلين في مقدمتهم النائب السابق مصباح الأحدب، والمهندس يحيى مولود والإعلامي عمر السيد، وآخرين ممن يخوضون التجربة لأول مرة.

وأوفد "المستقبل"، أمس، إلى طرابلس رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في مهمة انتخابية بدأت بزيارة الرئيس ميقاتي.

ودعا ميقاتي، بعد اللقاء "أهلنا في طرابلس إلى المشاركة في الانتخابات الاحد، وعدم التراخي في هذا الاستحقاق. التعبير عن الرأي ضروري، والتصويت ينبغي ان يكون لوحدة المدينة، وفي سبيل خطة الإنماء الموعودة". وقال السنيورة: "في خضم المتغيرات على الساحة اللبنانية، والخلل في التوازن الداخلي، والمتغيرات في المنطقة، أعتقد أن هناك ضرورة لتقول طرابلس كلمتها وتعبر عن رأيها، وبالتالي فإن هذه هي الصرخة الأساسية التي نريد أن نوجهها، بضرورة عودة الدولة اللبنانية".

ثم عقد السنيورة سلسلة لقاءات سياسية وشعبية، وشارك الى جانب اللواء ريفي في مهرجان انتخابي في منطقة القبة، على أن يتبع ذلك زيارة للرئيس الحريري الى طرابلس اليوم ستكون تتويجا لكل الجهود الانتخابية التي بذلت قبل الدخول في الصمت الانتخابي، اعتباراً من منتصف ليل الجمعة - السبت، حيث سيقام له أكثر من استقبال شعبي، وهو سيزور أيضا الرئيس ميقاتي في دارته للتأكيد على صيغة التوافق من أجل مصلحة طرابلس والعمل على إطلاق قطار الإنماء فيها، كما سيلتقي بعض قيادات المدينة.