بعد 30 عاماً حكم فيها بيد من حديد، سقط الرئيس السوداني عمر البشير، الذي جاء بانقلاب عسكري، على يد الجيش، بنفس الطريقة التي وصل بها إلى الحكم، وذلك على وقع انتفاضة شعبية هي الأقوى، اضطر الجيش معها إلى التدخل، بعد أن نظم المتظاهرون المعارضون اعتصاماً أمام قيادته في الخرطوم، وبدأت بوادر انشقاقات في صفوفه.

ومنذ فجر أمس أعلن الجيش أنه سيصدر بياناً مرتقباً ثم بدأت الأنباء تتوالى عن تحركات توحي بانقلاب عسكري، غير أن البيان تأخر إلى الثالثة عصراً، في خطوة فُسِّرت على نطاق واسع بأنها انعكاس لخلافات بين الضباط الكبار.

Ad

وأطل وزير الدفاع عوض بن عوف، نائب البشير، وأحد الضباط الذين رافقوه منذ الانقلاب، ليتلو «البيان رقم 1» على طريقة الانقلابات العسكرية الكلاسيكية، معلناً «اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه في مكان آمن».

وأكد أن الجيش سيشكل مجلساً عسكرياً برئاسته يدير البلاد فترة انتقالية مدتها عامان، مع حل الدستور والمجلس الوطني ومجلس الرئاسة، وفرض حال الطوارئ ثلاثة أشهر وحظر التجول فوراً وإغلاق كل المنافذ.

وبينما رد «تجمع المهنيين» الذي يقود التظاهرات برفض «الانقلاب العسكري»، داعياً إلى مواصلة التظاهرات حتى تسليم السلطة لحكومة مدنية، حثّ ضباطَ الجيش على الوقوف في صف الشعب، لا إلى جانب سدنة النظام.

وهتف الآلاف من المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش بسقوط بن عوف، كما رددوا هتافات «ما حنبدل انقلاباً بانقلاب».

ووسط تخوف من حل أمني يلجأ إليه المجلس العسكري الوليد في حال لم يلتزم المتظاهرون بحظر التجول، شهدت مدينة عطبرة شرق البلاد إطلاق نار عندما قام متظاهرون بمحاصرة مقار أمنية.

وخلال النهار اقتحم متظاهرون مقرات أمنية في كسلا وبورتسودان، بعد أن تأخر الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، بموجب قرار أصدره الجيش في وقت سابق.

وفي ردود الفعل الدولية، اعتبرت بريطانيا أن استيلاء الجيش على السلطة عامين ليس الرد المناسب على التحرك، بينما دعت أوروبا واشنطن إلى جلسة لمجلس الأمن.

وأعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله في أن يعبر السودان المرحلة الراهنة بـ «سلام ومصالحة وطنية»، مؤكداً أن لدى أنقرة والخرطوم علاقات «متجذرة في التاريخ».

كما أعربت وزارة الخارجية المصرية عن «ثقتها الكاملة» بـ«قدرة الشعب السوداني الشقيق وجيشه الوطني» على تجاوز المرحلة. أما الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، فاعتبر أن ما يجري في السودان «شأن داخلي»، معرباً عن أمله عودة الأوضاع إلى الأطر الدستورية.

وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بتسليم البشير المطلوب لديها بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة.

ومن جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنياس فون دير موهل، إن بلادها ستتعاون مع مصر، في إطار رئاستها الاتحاد الإفريقي، لدعم الوصول إلى مرحلة انتقالية سلمية في السودان.