لأول مرة منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، انطلقت في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت أعمال دورة غير عادية لمجلس النواب بحضور الرئيس المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي.وحضر هادي من مقر إقامته المؤقت في العاصمة السعودية الرياض مصطحبا معه عدد من سفراء الدول الخليجية والعربية والأجنبية إلى سيئون للمشاركة بالجلسة الافتتاحية للبرلمان التي عقدت بالمجمع الحكومي، بعد توقف لأكثر من 4 سنوات.
وبدأت الجلسة بانتخاب سلطان البركاني رئيسا للمجلس بالإجماع، إضافة إلى ثلاثة نواب له، هم محسن باصرة، ومحمد الشدادي، وعبدالعزيز جباري.وذكر مصدر برلماني أن أكثر من 143 عضوا من أعضاء مجلس النواب حضروا الجلسة التي عقدت وسط انتشار أمني مكثف وتحليق للطيران المروحي، بعد أيام من وصول تعزيزات عسكرية يمنية وسعودية تضمنت أنظمة «باتريوت» للدفاع الجوي إلى المدينة.وأكد عضو مجلس النواب، محمد الحاج الصالحي، أن حكومة هادي تملك النصاب القانوني وزيادة لعقد جلسة البرلمان.وأشار أنه إذا تم استبعاد الأعضاء المتوفين، وعددهم 34، يكون النصاب القانوني في حدود 135 عضوا.ويعد مجلس النواب اليمني الأطول عمراً، حيث انتُخب أعضاؤه البالغ عددهم 301 في عام 2003، وينقسم أعضاء البرلمان بغرفتيه حالياً، بين موالين للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وآخرين لجماعة «أنصار الله» الحوثية المسيطرة على العاصمة صنعاء.وجاء انعقاد المجلس، المعترف به من حكومة هادي في سيئون، تزامناً مع انتخاب المقاعد الشاغرة لأعضاء البرلمان في مناطق سيطرة المتمردين لاستكمال النصاب القانوني للمجلس الخاضع لسيطرتهم برئاسة يحيى الراعي.
هادي والبركاني
من جهته، قال الرئيس اليمني، خلال كلمة أمام أعضاء المجلس، إن انعقاد جلسة البرلمان يأتي في لحظة فارقة، ويعكس «تآكل المشروع الحوثي وعزلته عن الشعب».وأضاف هادي أن «ميليشيات الحوثي الإيرانية لا تفهم لغة السلام وتمارس الخداع والتضليل». وطالب الرئيس الحوثيين بإلقاء السلاح والبدء في خطوات من أجل إحلال السلام.ودعا أعضاء مجلس النواب إلى العمل على «فضح جرائم الانقلاب الحوثي»، قائلا إن «الحوثيين اختاروا طريق الشر ودمروا مؤسسات الدولة اليمنية ومنها البرلمان».وتابع: «لا نقبل الانتقاص من سيادة الشعب اليمني، ونثق بهزيمة المشاريع الخارجة عن منطق التاريخ».ورأى أن «الحرب ليست خيارنا، بل واجبنا تجاه وطننا وشعبنا، وعلينا أن ندافع عن أمننا واستقرارنا»، داعيا الشعب اليمني إلى عدم فقدان الأمل جراء الممارسات الحوثية.وطالب المجتمع الدولي بالعمل من أجل «إنهاء رفض المتمردين الحوثيين لجهود السلام، والعمل على وقف انتهاكاتهم»، مشيرا إلى «تعنت الحوثيين بشكل متكرر ومساعيهم في عرقة جهود السلام».وفي أول كلمة له، دعا رئيس مجلس النواب اليمني الوزراء والمسؤولين للعودة إلى عدن والقيام بمهامهم من العاصمة المؤقتة للبلاد.كما دعا البركاني رئيس الجمهورية إلى إصدار قرار بالعودة لكل قيادات الدولة للقيام بمهامهم من العاصمة المؤقتة للبلاد.واتهم البركاني إيران بالسعي، «عبر المشروع الحوثي»، إلى مد نفوذها من اليمن إلى لبنان.وأشاد بدور تحالف دعم الشرعية الذي تقوده السعودية «في وجه الانقلاب الحوثي»، مشددا على أن الانقلابيين يعملون على «تنفيذ برنامج فارسي». وأكد البركاني أن اجتماع البرلمان اليمني في سيئون يأتي متوافقا مع مواد الدستور.تنمية حضرموت
من جانب آخر، عقد هادي جلسة مع قيادات محافظة حضرموت بحضور نائبه علي محسن صالح، ورئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك، ووجّه باعتماد 5 مليارات ريال لاستكمال عدد من المشاريع التنمية والخدمية والمنشآت الرياضية بالمحافظة. وكلف الحكومة بالبحث عن تمويل عاجل لتنفيذ طريق ثمود - القف - الحجر - زمخ العبر.ولاحقاً، أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس بياناً أعلن فيه تهنئة الولايات المتحدة للنواب اليمنيين الذين اجتمعوا للمرة الأولى، في خطوة تعزز تنشيط المؤسسات ودفع عجلة المصالحة السياسية.اتفاق السويد
في هذه الأثناء، طالبت الحكومة اليمنية مجلس الأمن بتحميل «أنصار الله» الحوثية مسؤولية تأخير تنفيذ اتفاق استكهولم للسلام الخاص بمدينة الحديدة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.ونقل وزير الخارجية اليمني خالد اليماني الطلب لممثلي مجلس الأمن.وأكد ذلك وكيل وزارة الإعلام رئيس المركز الإعلامي لوفد الحكومة لمشاورات السلام فياض النعمان أمس.وقال النعمان: «الأمم المتحدة عليها أن تدرك أن استمرار الميليشيات بتنصلها وعرقلتها لتنفيذ اتفاق السويد، واستهداف رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار السابق والحالي، يأتي بسبب المعاملة بليونة زائدة من قبل المبعوث الأممي لليمن مارتين غريفيث معهم».وشدد الفياض على «ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات رادعة وصارمة ضد الحوثيين»، لحثهم على تنفيذ اتفاق استوكهولم والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن بهذا الشأن.وأشار إلى أن «الشهر الرابع أوشك على الانتهاء، ولا يزال اتفاق استوكهولم لانسحاب الحوثيين من الحديدة يراوح مكانه، دون تحقيق أي تقدم يذكر على أرض الواقع، نظراً لتعنت المتمردين وعرقلتهم وتنصلهم مما تم الاتفاق عليه في السويد خلال ديسمبر الماضي». وجدد موقف الحكومة الرافض لأي خطوة من شأنها «شرعنة الانقلاب» أو الذهاب إلى مشاورات جديدة برعاية أممية، إلا بعد تنفيذ اتفاق السويد الذي يهدف للحفاظ على استمرار عمل ميناء الحديدة الحيوي، وعدم توقفه إذا ما واصلت القوات الحكومية هجومها لاستعادته من قبل المتمردين.قصف شبوة
في سياق منفصل، قصفت طائرة «درون» يعتقد أنها أميركية، أمس، سيارة لعناصر يعتقد أنها تابعة لتنظيم «القاعدة» في عقبة مسربة بمديرية جردان شمال شرقي محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن. وأفاد مصدر في السلطة المحلية بالمحافظة بأن الغارة أسفرت عن احتراق السيارة ومقتل من فيها.