لا هانوي... ولا هونغ كونغ!
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
وعندما سقط الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه في أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية في تسعينيات القرن الماضي، لبست الأنظمة العربية قناع الإصلاح والديمقراطية، وانطلقت محطات التلفزة العربية الخاصة والصحف في المهجر لتبشر ضمنياً بالانفتاح والحريات، لكنها فعلياً كانت ومازالت تدار من أيادي الحكومات والمخابرات العربية من خلف الستار، فانتهت إلى أبواق للأنظمة الحاكمة يديرها "المطبلون" ومثقفو السلطة دون حريات ولا ديمقراطية حقيقية ولا يحزنون، ونمت لدينا البرلمانات ومجالس الشورى الصورية، والانتخابات المزورة في الغالب، والتي يتحكم فيها المال السياسي والعصبيات العرقية والطائفية، بينما في سويسرا وبلجيكا والهند كوكتيل من العرقيات والطوائف واللغات تتعايش مع بعضها البعض، وتختار حكامها بلا صراعات، فيما لدينا الكردي يريد دولة، والماروني يريد رئاسة الدولة، والعلوي يشرب دماء شعبه من أجل أن يظل في الحكم، وأغلبية تسعى إلى إعادة دولة الخلافة، وقرينتها تريد استيراد ولي الفقيه من إيران!انتشرت الديمقراطية في كل العالم، وأصبح الأفارقة في مجاهل الغابات يختارون رؤساءهم وحكوماتهم، وفي آسيا القديمة وأدغال الأمازون، بينما نحن العرب نضحك على أنفسنا بالأغاني الوطنية والشعارات الجوفاء والمباني الشاهقة في المدن الهشة التي يعمرها الأجانب، وتنهار مع أي هزة اقتصادية عالمية، وتطلب العون والمساعدة العاجلة.ومازالت أنظمتنا تقدم نفسها للعالم على أنها عصرية وذات مشاريع تنموية وحضارية، بينما العالم يعلم أنها مستبدة ومتسلطة وكل هدفها هو الحفاظ على الكرسي والاستيلاء على ثروات شعوبها مهما كلفها ذلك من ثمن من مقدرات وطنها ودماء مواطنيها.نحن العرب أصبحنا عبرة للعالم وخارج التاريخ، بعد أن فشلنا في أن ننشئ دولاً حديثة ومدنية ديمقراطية، أعلنا المقاومة فلم نحقق نموذج هانوي التي ركعت القوى الأعظم في العالم الولايات المتحدة الأميركية، ومن قبلها فرنسا، وخسرنا الأرض ومقدساتنا، ودخلنا عالم المنافسة الاقتصادية فلم نحقق نموذج هونغ كونغ، وأصبحت دولنا مزارع للفاسدين والجشعين والمحتكرين.