نظم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب جلسة شعبية تراثية خليجية استثنائية شهدت حضورا جماهيريا كثيفا توافد على مسرح عبدالحسين عبدالرضا بمنطقة السالمية، للاستمتاع بدرر التراث الأصيل واستعادة الماضي الجميل بما يميزه من اعمال شعبية ثرية بمضامينها وغنية بموسيقاها، التي تسرق القلوب وتبحر بالعقول الى زمن مضى، لكن آثاره باقية وذكرياته عالقة بالأذهان ابدا ما حيينا.وعلى مدار ساعتين، استمتع الحضور بأجمل الأعمال التي شدا بها الثلاثي ذو الحضور المميز في المشهد الغنائي المحلي والخليجي لاسيما في اللون الشعبي، وهم عبدالعزيز الضويحي وسلمان العماري وسلطان مفتاح بمعية الفرقة اليمنية للفنون الشعبية، التي ألهبت حماس الجمهور بأداء مجموعة مميزة من الرقصات واللوحات التشكيلية المستقاه من الفنون البحرية فزادت المشهد بهاء، ولعبت الشاشات التي كانت خلف المسرح وعلى جانبيه دورا مهما في عرض مجموعة من الصور واللوحات التعبيرية.
قائد الحفل
وفي تمام السابعة والنصف مساء، اعتلت الإعلامية سودابة المسرح مرحبة بالحضور، وقدمت الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أيوب خضر الذي قاد دفة الحفل وخرج به إلى بر الأمان، وتفرد بالعزف على آلة القانون التي تحتل مساحة كبيرة في وجدانه، وتحت شعار "خليجنا واحد"، استقبل الجمهور أعضاء الفرقة الذين تراصوا على جانبي المسرح، ليطل الفنان سلطان مفتاح فارس الوصلة الأولى وسط تفاعل كبير من الحضور الذين ملأوا جنبات المسرح وحرصوا على توثيق أجزاء من الحفل، ليبدأ مفتاح فقرته التي تضمنت خمس أغنيات بـ"صوت يا ليلدانة"، فكانت تلك الشرارة الأولى التي اشعلت حماس محبي هذا اللون الغنائي، ثم قدم "يا راحمين"، وانتقى أغنية "اعويشق"، لتكون ثالث اختياراته قبل ان يختتم وصلته بـ"اغزيلن فلة" و"انتا موت يا حاسد"، ليغادر مفتاح وقد ترك انطباعا إيجابيا لدى الجمهور.اختيارات في محلها
وما هي إلا دقائق مرت ثقيلة على النفوس التواقة لمزيد من الطرب حتى اطل الفنان المخضرم سلمان العماري الذي قوبل بحفاوة كبيرة، والذي يعتبر حالة غنائية خاصة على مستوى الاختيارات والأداء والتفاعل، خصوصا أنه يحظى بشعبية كبيرة لما يملكه من إرث موسيقي وغنائي وموهبة مكنته من التنقل بين مختلف الألوان الشعبية بسهولة، فكانت اختياراته خلال هذا المساء في محلها، فقدم رائعته التي اعتادها وألفها الجمهور "السمر والبيض" إلى جانب فن الصوت الذي ازدهر في البحرين والكويت في منتصف القرن التاسع عشر، وكان العماري موفقا عندما شدا باللون اليماني، فامتزجت الكلمات والايقاعات مع رقصات اعضاء الفرقة اليمنية، واستطاع ان ينتزع الآهات من قلوب الجمهور.مسك الختام
أما مسك الختام فكان الفنان عبدالعزيز الضويحي صاحب الصوت الرخيم والاداء المتزن، والذي يتمتع بحضور مميز في منطقة غنائية صعبة قلما يذهب إليها فنان إلا إذا كان متمكنا من ادواته وملما بمختلف الألوان الشعبية، وقدم عبدالعزيز خلال وصلته مجموعة مميزة من الأغنيات منها ولا راح الامل، شويخ من ارض مكناس، يا نور العين، ليلة، ظبي اليمن، يا ليالي والعديد من الاعمال العالقة بأذهان الجمهور.اعتذار بدر نوري
كان من المفترض ان يكمل الفنان بدر نوري عقد الثلاثي المشارك في الجلسة الغنائية الشعبية الخليجية الى جانب الضويحي ومفتاح، ولكن فاجأ بدر الجمهور باعتذاره عن عدم المشاركة في الحفل قبل بدء انطلاقه بساعات لظروف خاصة به، مما دعا المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إلى الاستعانة بالفنان سلمان العماري، وكان ذلك اختيارا في محله لما يتمتع به من حضور وثقة وثقافة غنائية كبيرة.