الإعلام الغربي بين المصداقية والتضليل
حين يتردد الحديث عن وسائل الإعلام الغربية تراود أذهاننا تلك الحرية والعدالة الاجتماعية والمصداقية التي تؤمن بها الكثير من الشعوب العربية، فعندما تبث بعض القنوات الفضائية الغربية أخبار المعارك الدائرة بين الجيش الإسرائيلي الصهيوني وأفراد المقاومة الفلسطينية يبدو واضحا أنها تظهر معاناة المستوطنات الإسرائيلية بأنها تتعرض للقصف والتفجير والدمار من الفلسطينيين رغم أنهم في الواقع يطالبون باسترجاع الشرعية لأراضيهم المحتلة منذ أكثر من 70 عاماً. وتلك الفضائيات الداعمة لمجازر الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، تسعى إلى التكتم والتضليل على جرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين، لأن لها مصالح وأجندات كثيرة، منها كسب ثقة الحكومة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي والمنظمات الصهيونية ورجال الأعمال الأميركيين من أصل يهودي، لما يؤدونه من دور مؤثر في الانتخابات الرئاسة الأميركية، وإيباك (AIPAC) ومقرها واشنطن إحدى هذه المنظمات.
وأي رئيس مرشح لخوض الانتخابات الأميركية عليه أن يدلي بتصريحات تدعم دولة إسرائيل حكومة وشعبا لنيل ثقة تلك المؤسسات، كما تسعى بعض وسائل الإعلام الغربية الممولة من بعض المتطرفين المحاربين لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف إلى تشويه هذا الدين، بأنه دين يحث معتنقيه على إيذاء الآخرين واستخدام العنف والترهيب لإجبار الآخرين على اعتناقه، وتنشر تعاليم الدين الإسلامي بطريقة لا تمت له بأي صلة. وإن العملية الإرهابية الشنيعة ضد المسلمين التي وقعت بتاريخ 15 مارس 2019 في نيوزلاندا، والتي قام بها أحد المتعصبين ضد الدين الإسلامي، فقتل ما يزيد على 50 مسلماً خلال أداء صلاة الجمعة، أظهرت مدى مصداقية وسائل الإعلام الغربية بتغطية الموضوع، إذ صنفتها بأنها جريمة جنائية يحاكم عليها القانون المحلي لا القوانين والتشريعات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان. نعم هناك تعصب ونعرات قومية وطائفية في كل المجتمعات بفئاتها المختلفة، لكنه لدى الغرب يتم التعتيم عليه، فنرى مثلاً التغطيات والحملات الإعلامية الكبيرة تساند تصريحات الرئيس دونالد ترامب ضد المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك، فما مصداقية تلك التغطيات الإعلامية الكثيفة؟ هل ليكسب الرئيس ثقة المزيد من أعضاء الحزب الجمهوري أم هو حقا يسعى لإرضاء أطياف المجتمع الأميركي كافة؟! وهل وسائل الإعلام الأميركية تبث الأخبار الصحيحة لرفع معنويات المواطنين الأميركيين، أم تبث الإشاعات والتضليل بوصف المكسيك ودول أميركا اللاتينية دولا تهدد الحرية والأمن والاستقرار في الولايات المتحدة؟!