حل «أمناء الحرير» مؤشر على عدم جدوى «الكيانات الموازية»
الحكومة تهدف للهروب من تكلفة إصلاح «الأجهزة العاجزة» وشراء الولاءات بالوظائف الجديدة
ذكر الشال أن «الديوان الأميري» ليس جهة اختصاص وموقعه حساس وقد ثارت حول عمله شبهات، ودوره الحقيقي رقابي لحث الحكومة على إصلاح أجهزتها لا تضخيمها أو تجاوزها والقيام بعملها.
قال تقرير شركة الشال الاقتصادي الأسبوعي، إنه بعيداً عن تضخم تكلفة الإدارة الحكومية أكثر من 5 أضعاف ما بين عامي 2000 و2019، جبلت الحكومة على تأسيس أجهزة موازية لأجهزة قائمة، وغرض التأسيس هو الهروب من تكلفة إصلاح الأجهزة العاجزة، هذا من جانب، وشراء الولاءات بوظائف الأجهزة الجديدة من جانب آخر. ومن أمثلتها الكثيرة، وفق الشال، "وزارة الأشغال" و"هيئة الطرق"، فطرق الكويت لم تكن أكثر سوءاً من وضعها الحالي، ومنها "وزارة الإسكان" و"هيئة الإسكان"، ومنها مجالس عليا للتعليم والمرور والتخصيص والاستثمار والبترول والبيئة والزراعة... ومعظمها في حالة مزرية. والمهم، هو أن إنشاء نحو 40 هيئة ولجنة ومجلس موازٍ، لم يثبت فقط فشله وتحول معظم تلك الموازية إلى أسوأ من سابقاتها، إنما وضعت استدامة المالية العامة، ومعها استدامة اقتصاد البلد واستقراره في المستقبل أمام خطر حقيقي.
وفي الأسبوع الفائت، أفادت جريدة "القبس" باحتمال تولي "الديوان الأميري" إعادة بناء المدينة الترفيهية بعد تقريـر أولـي من شركة المشروعات السياحيـة -شركة حكومية- بأنها قد تحتاج إلى عشر سنوات لإنجازها، هذا إن أنجزت، وبنتائج سلبية لجدواها المالية، وبتكلفة بحدود ملياري دولار أميركي، والخبر ليس من دون أساس، فقد تكرر قيام الديوان بتنفيذ مشروعات مماثلة. وكل ما تقدم خطأ، أول الأخطاء هو استمرار القفز على عجز المؤسسات القائمة بتوكيل جهة موازية للقيام بعملها، والخطأ الثاني، هو أن "الديوان الأميري" ليس جهة اختصاص، وموقعه حساس، وقد ثارت حول عمله شبهات، ودوره الحقيقي رقابيّ لحث الحكومة على إصلاح أجهزتها لا تضخميها أو تجاوزها والقيام بعملها. وثالث الأخطاء، هـو الأرقـام الضخمـة للتكلفـة أياً كـان منفـذ المشروع، وربما يكون ذلك الارتفاع في التكلفة رغم عدم احتساب القيمة الحقيقية للأرض، سبباً رئيسياً في سلبية جدوى المشروع المالية. وبعدها قام "الديوان الأميري" بنفي الخبر، لكنه أقر بقلقه حول عجز الأجهزة التنفيذية القائمة عن إنجاز المشروع، ووجه الحكومة إلى تشكيل لجنة وزارية عليا جديدة لمتابعة المشروع وتلزيمه للقطاع الخاص، وهي عودة إلى تأسيس أجهزة جديدة.والدول الأخرى، إلى جانب إفادتها من كل التجارب الإنسانية التاريخية والمعاصرة، ناجحة أو فاشلة، تبقى تجاربها الذاتية أهم مصادرها لإصلاح الخطأ، لكن الأمر لا يسير على نفس النهج في الكويت. ورغم أن المنطق يقود إلى الانحياز لأي مشروع مرتبط بأهداف رقمية لابد من تحقيقها ضمن مدى زمني معلوم، ومشروع كويت جديدة هو ضمن هذا السياق ونأمل له كل نجاح، إلا أنه مازال يتبع منهج المسار الموازي. والمقصود هنا، هو إنشاء كيان موازٍ في أطراف البلد مختلف عن نظام مركزها، وفي حدود الأدبيات حول تجارب التنمية، لا مرجع ناجحاً لمثل هذا التوجه، ورغم كل النوايا الطيبة، فالاحتمال المرجح في المستقبل، هو أن خراب المركز سوف يُفشل صلاح الأطراف، لا العكس، أسوة بالعملات، الرديئة تطرد الجيدة. وإن كان لابد للتجربة أن تنجح، فالعمل التنموي الإصلاحي لابد أن يبدأ من المركز أولاً، ثم الأطراف، فالمركز، ورغم كل الوعود بسياسات الإصلاح، مازال حتى الساعة يسير في الاتجاه المعاكس، وعاجزاً حتى عن إدارة مستشفى أو مطار أو شركة طيران، فكيف بكويت جديدة، ومؤشر حل مجلس أمناء مدينة الحرير وإقالة رئيس جهازها التنفيذي الأسبوع الفائت، ومن دون تقديم تفسير محدد، قد يُقرأ على أنه مؤشر على عدم جدوى الاستمرار في تأسيس الكيانات الموازية وضمن معايير تحكمها محاصصة وبيئة عمل طاردة.
تنفيذ الديوان الأميري للمشاريع هو قفز على عجز المؤسسات القائمة