أسعار النفط لن تتلقى دعماً من الاقتصاد العالمي
ليس أمامها سوى خوض خيار الإصلاح الصعب وتحمل تكاليفه الآنية
قال "الشال" إن "صندوق النقد الدولـي" خفض في تقريره لشهر أبريل الجاري توقعاتـه لنمـو الاقتصاد العالمي لعام 2019 بنحو -0.2 في المئة لتصبح 3.3 في المئة بدلاً من 3.5 في المئة كما كانت في تقريره لشهر يناير الماضي، والسبب في تقديره ناتج عن مؤشرات ضعف في النمو لاقتصادات رئيسية، مثل منطقة اليورو وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكندا وأستراليا، لكنه ضعف مؤقت من وجهة نظره، يبدأ بعده الأداء بالتحسن في النصف الثاني من العام الحالي، ثم يرتفع معدل النمو إلى 3.6 في المئة عام 2020. في التفاصيل، وبشكل عام، يعتقد الصندوق أن نحو 70 في المئة من الاقتصادات العالمية تعاني بوادر ضعف أثرت سلباً في توقعاته، خلافاً لتوقعاته المتفائلة قبل سنتين عندما اعتقد أن 75 في المئة من اقتصادات العالم تشهد تعافياً ملحوظاً.
ويعزو التقرير السبب في التحسن اللاحق لضعف الأداء الحالي إلى استمرار سياسات التحفيز النقدي لكل البنوك المركزية الرئيسية شاملاً الفدرالي الأميركي الذي توقف عن رفع أسعار الفائدة أسوة بالبنك المركزي الأوروبي والياباني والإنكليزي، إلى جانب خليط المحفزات المالية والنقدية الصينية، يضاف إليها خفوت أضرار الحرب التجارية الأميركية الصينية. والنمو المتوقع متفاوت، فهو يظل ضعيفاً للاقتصادات المتقدمة وبحدود 1.8 في المئة العام الحالي، ينخفض إلى 1.7 في المئة في العام القادم، ضمنه تتفوق الولايات المتحدة الأميركية على قريناتها بشكل ظاهر في العام الحالي، وبنمو متوقع بحدود 2.3 في المئة، سببه سياسات التحفيز المالي أو خفض الضرائب، لكنها تعود إلى معدل نمو قريـب مـن معـدل الاقتصادات المتقدمة وبحدود 1.9 في المئة في عام 2020. بينما تظل اقتصادات متقدمة رئيسية تنمو دون معدل النمو العام للاقتصادات المتقدمة، فمنطقة اليورو لن يتعدى نموها 1.3 في المئة و1.5 في المئة في السنتين على التوالي، واليابان 1 في المئة و0.5 في المئة في السنتين على التوالي، وبريطانيا 1.2 في المئة و1.4 في المئة في السنتين على التوالي. أي إن نمو الاقتصادات المتقدمة سيظل ضعيفاً رغم كل السياسات المالية والنقدية المحفزة، وحتى هذا المستوى من النمو الهش، لا يخلو من المخاطر، مثل احتمال عودة استعار الحرب التجارية، أو تصحيح كبير في الأسواق المالية، أو ارتفاع تكاليف الاقتراض. وبينما من المحتمل أن تحقق الاقتصادات الناشئة والنامية كلها معدلات نمو مرتفعة نسبياً وبحدود 4.4 في المئة للعام الحالي و4.8 في المئة للعام المقبل، يظل نمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضعيفاً في عام 2019 وبحدود 1.5 في المئة، ويرتفع إلى 3.2 في المئة عام 2020، أي يظل دون معدل نمو الاقتصاد العالمي في السنتين. نخلص مما تقدم، إلى أن نمو الاقتصاد العالمي سوف يظل ضعيفاً قياساً على معدلات نموه التاريخية ما قبل عام 2008، ومع ضعفه، تظل مخاطره عالية بعد إنهاك عمليات مواجهة أزمته لكل من مصادر السياستين المالية والنقدية. وعلى دول النفط أن تعي بأن أسعار النفط لن تتلقى دعماً من انتعاش اقتصادي عالمي، على الأقل لن يحدث ذلك على المدى المنظور، لذلك ليس أمامها سوى خوض خيار الإصلاح المالي والاقتصادي الصعب وتحمل تكاليفه الآنية، لأن المستوى الحالي لتلك التكاليف سيكون رحمة أمام تكلفة تأخر الإصلاح.