كنت من أنصار المشاركة في مجلس الأمة، وعدم المقاطعة بعد أحداث التحويلات الخارجية، وتضخم أرصدة بعض النواب والسياسيين، وتعديل النظام الانتخابي إلى الصوت الواحد، كنت أعتقد أن الآفات التي تدمر حياتنا السياسية يمكن معالجتها من الداخل، ومحاولة إقناع السلطة بالانخراط الحقيقي في الإصلاح، بعد الأحداث التي مر بها العالم العربي منذ 2011.ولكن جلسة مجلس الأمة الأربعاء الماضي كانت الحدث الفارق في عدم إمكانية ذلك، فبعد أن وقف النواب يفضحون بعضهم البعض، فذلك ينعت زميله بـ"المرتشي الحوت"، وآخر بتاجر الإقامات، ويقول آخر لقرينه النائب "لا تستشرف علينا" أنت تمارس التجارة باسم زوجتك وأهلها، بينما يطلب رفع الحصانة عن بعض النواب لتضخم حساباتهم، وكذلك كلام النائب د. عبدالكريم الكندري عن عدم جدوى 13 قانوناً وهيئة مكافحة الفساد في وقف الرشا والفساد السياسي بالبلد، وحفظ قضايا تضخم حسابات السياسيين دون أي إجراء، أصبحت مقولة الإصلاح من الداخل وَهماً يصل أحياناً إلى الكذب وخداع الشعب الكويتي.
كل نائب شريف يبقى في ذلك المجلس بعد جلسة الأربعاء الماضي سيكون بطريقة ما يشكل غطاء للفساد وحالة التدهور في الكويت، ويقوم بدور ما لتكتمل مسرحية ما يسمى بالديمقراطية الكويتية، ففي كل جلسة افتتاح لمجلس أمة كويتي جديد تشتم رائحة المال السياسي تلف القاعة ويشمها الجميع ويسكت، وبعد ذلك يبدأ "التمثيل" على مسرح البرلمان والعبث والصراخ والاستجوابات التي تنتهي بـ "الدسم" في أيادي الكومبارس، فتضخم جيوبهم وحساباتهم دون إصلاح أو علاج لذلك الواقع المؤلم سوى استفادة البعض بجوازات دبلوماسية وامتيازات ذهبية وطائرات خاصة.الواقع أن تحالف السلطة مع أصحاب النفوذ، استمرأ الحال، بعد أن أمسك بخيوط اللعبة السياسية في الكويت بأدوات شديدة الخطورة والتدمير، والتغيير لم يعد ممكناً من خلال المؤسسات القائمة، وربما يدفع ذلك إلى تغيير من الشارع سيكون مؤلماً جداً مهما طال الزمن، فالأجيال القادمة مختلفة، وما لم يكن يفعله الكويتيون سابقاً يحدث الآن من خلال الهجرة وطلب اللجوء السياسي، ولم يعد النظام الانتخابي سواء كان بصوتين أو خمسة أصوات أو صوت واحد مؤثراً، فالخراب كبير ومزمن في جميع الأنظمة الانتخابية التي مرت على الكويت.
أخر كلام
ما عاد في طِب بمجلسنا ولا حكومتنا!
21-04-2019