أكدت محكمة التمييز الإدارية أن رقابة القضاء الإداري تقف عند حدها الطبيعي في وزن قرار اللجنة المطعون فيه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعة، بما ليس فيه تغول على سلطة الإدارة بأجهزتها الفنية، طالما لم يثبت من الأوراق أن قرارها في هذا الشأن جاء مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها عن غايتها.وأضافت «التمييز»، في حكمها برفض معادلة الدرجات التي حصل عليها أحد الطلبة الخريجين من أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية مع إحدى الجامعات المصرية، بعد رفض وزارة التعليم العالي معادلة تلك الشهادة لاعتبارات فنية، أن نظام معادلة الشهادات العلمية الاجنبية تختص به قانونا الأجهزة الإدارية والفنية الوطنية القائمة على شؤون التعليم العالي بالكويت، وفق التنظيم القانوني والإداري المعمول به لديها، والأسس والضوابط المقررة بالقرارات التنظيمية الصادرة في هذا الشأن.
الحقوق
وأفادت المحكمة بأن الطعن أقيم على أسباب منها الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على سند من القول انه ساير الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى على ما خلص اليه الحكم من أن الشهادة محل النزاع صادرة من المجلس الأعلى للجامعات في مصر، وتفيد بمعادلة درجة بكالوريوس العلوم الشرطية الحاصل عليها الطاعن في أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الامنية بالكويت، إضافة الى المواد الدراسية التكميلية التي اجتازها بنجاح في كلية الحقوق جامعة طنطا، بدرجة الليسانس في الحقوق الذي تمنحه الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972.القضاء الإداري
وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها، إن «هذا النعي مردود، وذلك من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن القضاء الإداري، وهو بصدد أعمال ولايته في دعاوى الإلغاء، ومراقبة مشروعية القرار المختصم، انما يحاكمه ويحكم تقديره ويقسط ميزانه في ضوء صحيح واقعه وحقيقية ما بنيت عليه أركانه، فإذا استظهر جادة القرار واستقامته صحيحا على اصل المشروعية المقرر انحاز إليه فأجازه وثبته على أصل صحته».وأضافت المحكمة أن «معادلة الشهادات العلمية الأجنبية هي من الأمور الفنية البحتة التي يصدر بها قرار من لجنة معادلة الشهادات العلمية، وان دور هذه اللجنة يتمثل في تقييم المؤهل وما يرتبط بذلك من التحقق من مطابقته للمقاييس العلمية، واستيفائه شروط وضوابط المعادلة بالشهادات التي تمنحها جامعات الكويت في ضوء القواعد التنظيمية المقررة، وان رقابة القضاء الإداري تقف عند حدها الطبيعي في وزن قرار اللجنة المطعون فيه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعه، ليس فيه تغول على سلطة الإدارة بأجهزتها الفنية، طالما لم يثبت من الأوراق ان قرارها في هذا الشأن جاء مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها عن غايتها».الاستشهاد بحالات مماثلة
أكدت المحكمة أنه بشأن ما ابداه الطاعن من دفاع امام محكمة الموضوع قد استشهد بحالتين: (الأولى) عادلت بها لجنة المعادلات في كلية الحقوق جامعة الكويت لطالبين بكالوريوس الحقوق في جامعة الكويت، (والثانية) عادلت فيها لجنة معادلة الشهادات العلمية بوزارة التعليم العالي لطالب اخر بكالوريوس العلوم التطبيقية الحاصل عليه من مملكة البحرين بدرجة البكالوريوس في الحقوق، وكان قرار المعادلة الأول صادرا من لجنة داخلية في كلية الحقوق جامعة الكويت لا تقوم مقام اللجنة المختصة قانوناً بمعادلة الشهادات العلمية في دولة الكويت والمشكلة في وزارة التعليم العالي، كما ان قرار المعادلة الثاني برغم انه صادر من لجنة المعادلات المختصة الا انه يتعلق بمؤهل اخر خلاف مؤهل الطاعن، ومن ثم فإن القرارين اللذين استشهد بهما الطاعن كلاهما لا يسعفانه في دعواه، ويغدو دفاعه المستند اليهما دفاعاً غير جوهري ليس من شأنه تغيير وجه الرأي، فلا تثريب اذن على الحكم المطعون فيه اذا لم يفصل في تناوله لعدم جدوى ذلك، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير اساس.
ومن المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من عيون أوراقها ومستنداتها وما يقدم فيها من بيانات وقرائن، ولها ان تستنبط من وقائع الدعوى القرائن التي تعتمد عليها في تكوين عقيدتها، والأخذ بما تطمئن اليه منها واطراح ما عداه.وبينت المحكمة أن القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن تنظيم «التعليم العالي» قد نص في المادة (14) منه على أن يختص المجلس الأعلى للتعليم العالي برسم السياسة العامة للتعليم العالي، وعلى وجه الخصوص ما يلي: 1-... 2-... 3-... 4- منح الدرجات العلمية، والدبلومات، والشهادات، وتقرير معادلة الشهادات الأجنبية، كما ان المرسوم رقم 164 لسنة 1988 في شأن تنظيم وزارة التعليم العالي قد نص في المادة الأولى منه على أن تتولى وزارة التعليم العالي كل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والتطبيقي والبحث العلمي، الذي تقوم به كليات ومعاهد التعليم العالي...».ونص قرار وزارة التعليم العالي رقم 20 لسنة 2000 الصادر بتاريخ 21/3/2000 في مادته الأولى على الالتزام بأسس وضوابط تقييم الشهادات العلمية الموضحة على النحو التالي:1 - المدة الزمنية المتعارف عليها والمطلوبة للحصول على الدرجة العلمية المطلوب معادلتها.2 - المتطلبات الدراسية للحصول على الدرجة العلمية.ونص القرار الوزاري رقم 39 لسنة 2001 بشأن إنشاء إدارة معادلة الشهادات العلمية في المادة الأولى منه على إنشاء إدارة معادلة الشهادات العلمية بوزارة التعليم العالي.1 - للتنسيق مع الجهات المعنية في دولة الكويت وخارجها في كل الأمور المتعلقة بمعادلة الشهادات.مجلس الجامعات المصرية
أكدت المحكمة أن اعتماد مجلس الجامعات المصرية للمعادلة لا يعني سلامة الاعتماد لافتة إلى أن المحاجة بصدور قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات بجمهورية مصر العربية رقم 165 بتاريخ 21/12/2008 - معدلا بقراره رقم 96 بتاريخ 29/7/2010- بمعادلة درجة بكالوريوس العلوم الشرطية الحاصل عليها الطاعن من اكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية بدولة الكويت، بالاضافة الى المقررات الدراسية التي اجتازها بنجاح في كلية الحقوق بجامعة طنطا بدرجة الليسانس في الحقوق التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، وحصوله على شهادة من المجلس المذكور تفيد ذلك، اذ ان هذه الشهاة لا تعدو ان تكون مجرد شهادة معادلة وليست شهادة بمنح مؤهل جامعي، ولا مراء في أن مسألة معادلة الشهادات العلمية الاجنبية هو شأن خالص من شؤون كل دولة على حدة، تجريه وفق قوانينها وطبيعة نظمها التعليمية، ومن ثم فإن ما يصدر من قرارات معادلة الشهادات العلمية في دولة ما لا يكون ملزما لدولة اخرى، بل تكون حجية قرار المعادلة وآثاره قاصرة على الدولة المصدرة له فلا تبرحها الى دولة اخرى، ما لم تقرر الاخيرة ذلك بنفسها ووفق قوانينها، وعلى ذلك فلا وجه للمحاجة بقرار المجلس الأعلى للجامعات بجمهورية مصر العربية سالف البيان، في مواجهة وزارة التعليم العالي بدولة الكويت، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
اعتراف
وبينت المحكمة أن ذلك يدل على أن نظام معادلة الشهادات العلمية الأجنبية تختص به قانونا الأجهزة الإدارية والفنية الوطنية القائمة على شؤون التعليم العالي بدولة الكويت، وفق التنظيم القانوني والاداري المعمول به لديها، والأسس والضوابط المقررة بالقرارات التنظيمية الصادرة في هذا الشأن، بحسبان أن معادلة المؤهل العلمي «الأجنبي»، الذي يحصل عليه الكويتي من الخارج، ومعاملة هذا المؤهل بذات معادلة المؤهل النظير الذي تمنحه الجامعات الكويتية لا يتأتى إلا باعتراف الدولة بهذا المؤهل من خلال أجهزتها الوطنية، ونظمها وقوانينها المعبرة عن سيادتها، وبما يدل أيضا على أن نظام المعادلات إنما يتركز في اساسه ومبناه على فكرة وجود «مؤهل اجنبي» يخضع لإجراءات التقييم والمعادلة، وصولا إلى قرار يحدد مدى جدارته بالمعادلة، فإذا لم يوجد أصلا هذا المؤهل العلمي الأجنبي بالمهفوم الأكاديمي المتعارف عليه تخلف مناط إعمال نظام المعادلة لتخلف محله الصحيح.وأوضحت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الطاعن تخرج في أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية بالكويت، وحصل منها على بكالوريوس العلوم الشرطية عام 1987، ثم التحق بالدراسة بكلية الحقوق جامعة طنطا بجمهورية مصر العربية، ودرس فيها عددا من المقررات الدراسية في القانون دون أن يحصل منها على درجة ليسانس الحقوق، فإنه والحال كذلك لا يكون حاصلاً على شهادة علمية في الحقوق من الخارج، بل على بعض المقررات الدراسية من مقررات كل فرقة من الفرق الدراسية الأربع في الكلية المذكورة لا تشكل في مجموعها مؤهلاً علمياً، ومن ثم لا يقوم محل صحيح لطلب المعادلة، بحسبان المعادلة بإجراء قانوني لا يرد إلا على المؤهل العلمي الذي يحصل عليه الطالب الكويتي من الخارج بالشروط والضوابط المقررة في هذا الشأن، والتي حددها القرار الوزاري رقم 20 لسنة 2000 المشار اليه، واخصها قضاء الطالب المدة الزمنية المتعارف عليها، وهذه الضوابط غير متحققة فيما ناله الطاعن في دراسته بكلية الحقوق بجامعة طنطا، إذ لم تنته بحصوله على الدرجة العلمية منها. وإذ رفضت لجنة معادلة الشهادات العلمية بوزارة التعليم العالي معادلة المقررات الدراسية سالفة البيان لهذا السبب، فإن قراراها يكون قائما على سببه الصحيح المبرر له بمنأى عن الإلغاء.