المركز الفاسد والحلم البديل
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
يصل التقرير في النهاية إلى أنه إذا كان "المركز"- أي جهة الاختصاص- عاجزاً، فهذا سيتمدد حتماً إلى الأطراف الموازية، "... فرغم كل النوايا الطيبة، فالاحتمال المرجح في المستقبل، هو أن خراب المركز سيفشل صلاح الأطراف، لا العكس، أسوة بالعملات، الرديئة تطرد الجيدة". فعند التقرير... كيف يمكن تصور بناء كويت جديدة ومدينة حرير (وهي من الأطراف) إذا كانت دولة المركز عاجزة عن إدارة مستشفى أو مطار أو شركة طيران... إلخ؟! ليختم التقرير ملاحظاته بأن "مؤشر حل مجلس أمناء مدينة الحرير وإقالة رئيس جهازها التنفيذي، من دون تقديم تفسير محدد، قد يقرأ على أنه مؤشر على عدم جدوى الاستمرار في تأسيس الكيانات الموازية وضمن معايير تحكمها محاصصة وبيئة عمل طاردة".يصعب دحض حجة الشال الراسخة، فما نسمعه ويكرره الكثيرون المعارضون لمدينة الحرير وتطوير الجزر، هو أنه إذا الإدارة المركزية (السلطة) عاجزة، مثلاً، عن حل مشكلة مواقف المرور، وهذه أبسط القضايا، وهي عاجزة عن توفير جهاز طبي لإدارة مستشفيات جديدة، وعاجزة، بالمجمل، عن حل بيروقراطية فاسدة وسرطان رشا ومحسوبيات وتفصيل مناقصات، وكل أنواع الفساد الرهيب المتمدد في معظم مؤسسات الدولة، فكيف يمكن لهذا الجهاز السلطوي المهترئ، وهو سلطة المركز (لتذكير القارئ المهتم)، أن يشرع في حلم مدينة الحرير والكويت الجديدة؟! الكلام هنا موجه بصورة مباشرة للشيخ ناصر صباح الأحمد، ومفاده أن عليك أن تصلح هنا، الداخل (المركز)، أوقفْ طوفان هذا الفساد الذي دمر كل أمل لمستقبل أطفالنا، وأحال حياتنا في البلد إلى كابوس لا ينتهي، أصلحْ كويت المركز يا شيخ ناصر، قبل أن نتحدث عن الكويت الجديدة في الجزر وطريق الحرير.يستحيل نقض ذلك المنطق السابق للمعارضين، لكن لنتوقف هنا عند مسألة بسيطة، مثلاً ماذا لو كان هذا المركز غير قابل للإصلاح؟ فعطب الفساد والخراب وصل إلى أعمق جذور الدولة، والعطالة في إدارة الدولة تسري كالوباء من الكبير حتى الصغير، ويستحيل معرفة أين تبدأ وأين تنتهي، كأن الصراع مع غيلان سوء الإدارة الفاسدة يذكرنا بمحاولات دون كيخوته في محاربة طواحين الهواء... ما العمل عندها؟ أليس من الأجدى إذا عجزنا عن تفكيك تلك المؤسسات وهدمها من أسسها، أن نبحث عن حل آخر؟! كأن نشرع في حلم جديد، لا علاقة له بالمركز، هو ليس من الأطراف، ولكنه كويت جديدة، سواء كانت مدينة الحرير، أو أي اسم يمكن أن تختاروه... المهم أن تكون دولة مؤسسات غير فاسدة، وهي مركز جديد، ليس به جرثومة هذه الإدارة (المركز) المريضة.