مُت فارغاً
![خالد ربيعي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1532101851987489000/1532101861000/1280x960.jpg)
وقس على هؤلاء أسماء ناصعة في مختلف المجالات، لا يتسع المقام للحديث عن إسهاماتها وما تركته للناس من إرث باق، ومنها طرفة بن العبد، وهاشم الرفاعي، وسيبويه إمام النحو، والمنشاوي ذو الصوت الملائكي في القرآن، والنووي صاحب كتاب رياض الصالحين، كلهم طويت صفحة حياتهم مبكرا، في مرحلة الشباب أو بعدها بقليل. حسنا كلهم رحلوا شباباً أو بعد الشباب بقليل، فماذا نريد أن نقول؟ نريد أن نخلص إلى أن العمل المؤثر الذي يخلفه الإنسان من بعده ويظل سببا في تذكُّر الناس له غير مرتبط بعمر، فهناك أناس يرحلون عن 60 أو 70 عاما وأكثر، دون أن يتركوا أثرا أو ذكرا من بعدهم، أي أن المنجز البشري لا علاقة له بطول العمر أو قصره، وعلى ذلك فالمرء مطالب بألا يؤجل عملاً يستطيع أن يفيد به أهله ووطنه، بل البشرية كلها إن استطاع، قبل أن يدركه الرحيل، الذي قد يأتي بغتة دون أن يترك أثرا أو نفعا أو ينثر خيرا هنا أو هناك، وكما قال الرافعي: "إذا لم تزد شيئا إلى الحياة كنت أنت زائدا عليها"، وما أكثر هؤلاء الزائدين! فلنبدأ الآن: قم فبادر وانشر شيئاً مفيداً على صفحة حياتك، انشر معلومة مفيدة، انصح غيرك، اعرض خبرة حياتية تفيد بها غيرك.قبل نحو عام استعرض الزميل الكاتب الصحافي، د. حسام الدين سعدون، قراءته لكتاب بعنوان "مت فارغا"، والذي قصد فيه كاتبه أن على المرء أن يستثمر كل جهده وعلمه وطاقته فيما فيه نفع للناس، ويحاول ألا يموت إلا وقد قدم كل ما يستطيع من خير ونفع للبشرية من بعده. وخلاصة ما جاء في هذا الكتاب القيّم: "تخيل كمّ الإفادة التي نجنيها من المرور على معرفة حقيقية وخبرات عملية لدى الآخرين، ألا أدلك على بعض ما يمكن أن تقدمه للبشرية بدلاً من وقوفك ساكتاً أو سلبياً؟ شارك في عمل تطوعي، انشر محتوى كتاب، أسّس أو شارك في نادٍ للقراءة، عَلّم غيرك لغةً جديدة، ثقّف غيرك، شارك خبراتكَ العملية مع الآخرين، ازرع شجرة، تصدّق ولو بالقليل، انصح شخصاً، ساعد محتاجاً، اكفل يتيماً... لا تترك في ذهنك فكرة مفيدة للآخرين أو عمل خير قبل موتك... ومُت فارغاً".