أدّى آلاف المتظاهرين السودانيين صلاة الجمعة أمام مقرّ القيادة العامة للجيش في الخرطوم، غداة مسيرة شارك فيها آلاف المحتجين بهدف تكثيف الضغوط على المجلس العسكري الحاكم لتسليم السلطة إلى إدارة مدنية.

ومنذ 6 أبريل، يتجمّع متظاهرون ليلاً نهاراً أمام مقرّ قيادة الجيش في الخرطوم، وبعد أن كانوا يطالبون برحيل الرئيس السابق عمر البشير، باتوا منذ 11 أبريل يطالبون بنقل السلطة إلى حكم مدني وبابتعاد العسكريين عن السلطة.

Ad

ويحظى المتظاهرون بدعم دولي، إلا أنّ المجلس العسكري لم يستجب للمطالب حتى الآن، رغم استقالة ثلاثة من أعضائه الأربعاء تحت ضغط الشارع.

وأثارت استقالة هؤلاء فرحة المتظاهرين الذين أطلقوا الاهازيج الثورية واحتشدوا بعشرات الآلاف الخميس تلبية لدعوة من قادتهم إلى «مسيرة مليونية».

ورغم الحر الشديد، عاد المتظاهرون بأعدادهم الكبيرة الجمعة، وفق مراسل فرانس برس.

وهتف الشيخ مطر يونس الذي أمّ صلاة الجمعة في ساعة الاعتصام «حرية، حرية».

كما دعا إلى معاقبة «رموز» النظام السابق.

وقال «لا بدّ من محاسبة كل رموز النظام السابق وتقديمهم لمحاكمات عادلة ونزيهة وشفافة»، فيما كان المتظاهرون يهتفون «الدم بالدم لن نقبل بالتعويض».

وقال هارون آدم، وهو من دارفور، إنّ أسرته تعيش في مخيّم كلمه، أحد المخيّمات المترامية التي لا تزال تؤوي مئات آلاف الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة ديارهم إثر نزاع دام في 2003 حين حمل متمرّدون من أقلّية عرقية السلاح ضد الحكومة المركزية في الخرطوم التي اتهموها بتهميش الإقليم.

وقال آدم لفرانس برس «أنا هنا منذ السادس من أبريل» عندما بدأ الاعتصام.

وأضاف أنّه «على استعداد للبقاء عاماً كاملاً حتّى نحقق مطالبنا في سلطة مدنية كاملة وتقديم كل الذين ارتكبوا جرائم للعدالة».

وخلفه كان المتظاهرون يهتفون «كلّنا درافور».

وفي مسجد في جنوب الخرطوم، دعا إمام المسجد المتشدّد عبد الحي يوسف في خطبة صلاة الجمعة إلى تجمّع الإثنين لحماية الشريعة.

وقال «إنهم يدعون إلى دستور علماني. سنحتشد يوم الإثنين لنقول لهم إن الشريعة الإسلامية خط أحمر».

ويقول المجلس العسكري الحاكم الذي يرأسه الفريق الركن عبد الفتاح البرهان إنه تولى السلطة لفترة انتقالية من شهرين.

وأجرى قادة المتظاهرين جولات من المحادثات مع المجلس، واتّفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة لوضع خريطة طريق، من دون تحقيق نتيجة تُذكر.

وأعلن المتحدّث باسم «تحالف الحرية والتغيير» الذي يضمّ الأحزاب الرئيسية في الحركة الاحتجاجية، الجمعة لصحافيّين، أنّ أسماء أعضاء هذه اللجنة سيتمّ الإعلان عنها «في الأيام المقبلة».

وفي بيان، قال المجلس العسكري إنّه «على اتّصال مستمرّ» مع قادة المتظاهرين وإنّه ينتظر تعيين أعضاء اللجنة.

وبحسب المتحدّث باسم «تحالف الحرية والتغيير»، ستكون هناك حاجة إلى فترة انتقاليّة مدّتها أربع سنوات لتنفيذ «برنامج إنعاش» لتمكين السودان من الخروج من الأزمة.

وردّاً على سؤال فرانس برس حول تأثير الاعتصام الدائم أمام مقرّ الجيش، أكّد محمد ناجي الأصم، أحد قادة الاحتجاج، أنّ الاقتصاد «يتدهور يوماً بعد آخر»، وأضاف «لكنّ السبب الرئيسي للاحتجاجات هو الأزمة الاقتصادية».

وألقت واشنطن بثقلها خلف المتظاهرين.

وقالت المسؤولة في وزارة الخارجية ماكيلا جيمس الثلاثاء إنّ واشنطن تدعم «المطلب الشرعي للشعب السوداني بحكومة يقودها مدنيون»، وحضّت جميع الأطراف على العمل لتحقيق ذلك.

وفي قمّة استضافها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الثلاثاء، اتّفق قادة أفارقة على الحاجة إلى ثلاثة أشهر للانتقال إلى حكم مدني في السودان.

وأثار بيانهم غضب المتظاهرين الذين احتشدوا أمام السفارة المصرية الخميس، خصوصاً أنّ الاتحاد الإفريقي كان قد حدّد نهاية أبريل مهلة للمجلس العسكري لتسليم السلطة لحكم مدني أو مواجهة تعليق العضوية من الكتلة التي تضم 55 دولة.