وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حدا للتكهنات التي ثارت أخيرا عن قرب تعرض محافظة إدلب السورية لهجوم من قبل قوات النظام، التي تحظى بدعم موسكو العسكري، معربا عن اعتقاده بأن الهجوم الشامل على مسلحي إدلب "ليس ملائما الآن"، ويتعين أخذ الاحتياجات الأمنية للمدنيين في المنطقة، التي تخضع لاتفاق تهدئة ضمن تفاهمات مشاورات أستانة التي تشارك بها تركيا وإيران والنظام السوري، بعين الاعتبار.

وقال بوتين، الذي كان يتحدث في ختام قمة "طرق الحرير الجديدة" ببكين، أمس، إن "موسكو ودمشق ستواصلان الحرب على الإرهاب، والقصف يطول من يحاول الخروج من إدلب من المتشددين، وهو أمر يحدث من آن لآخر".

Ad

وأضاف: "لا استبعد شن هجوم شامل لكننا وأصدقاءنا السوريين لا نحبذ ذلك الآن، نظرا لهذا العنصر الإنساني"، مشيرا إلى أن روسيا ستعمل مع المعارضة السورية للانتهاء من تشكيلة لجنة لصياغة الدستور، في إطار مساع للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع.

تجنيس الأوكرانيين

من جهة أخرى، صرح بوتين بأن موسكو تنوي تسهيل حصول كل الأوكرانيين على الجنسية الروسية، في خطوة من المرجح أن تزيد خلافات موسكو مع الأوروبيين وكييف، التي تتهم روسيا بدعم حركة التمرد الانفصالية، شرقي البلاد، الذي تسكنه غالبية ناطقة بالروسية.

وقال بوتين: "نفكر في منح الجنسية بطريقة مبسطة إلى كل مواطني أوكرانيا، وليس فقط لمواطني جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك"، الانفصاليتين المواليتين لموسكو، ولا تعترف بهما الأسرة الدولية.

تجدر الإشارة إلى أن بوتين كان قد وقّع الأربعاء الماضي مرسوما يقضي بتسهيل إجراءات الحصول على جوازات سفر روسية بالنسبة لسكان مناطق شرق أوكرانيا، التي تقع تحت سيطرة انفصاليين مدعومين من روسيا، وهو ما ندد به الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكييف التي دعت مجلس الأمن الدولي إلى ادانته.

وعن الاتهامات المثارة للائحة الجديدة بأنها يمكن أن تؤثر على الميزانية الروسية بشكل قوي جدا، قال بوتين إن الاتهامات من قبيل "قصص الرعب"، مضيفا: "حسبنا كل شيء مقدما".

وجاء قرار بوتين في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأوكرانية مباشرة، والتي انتهت بفوز الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي، الذي تغلب بشكل ملحوظ على الرئيس المنتهية ولايته بيترو بوروشينكو.

تعسف أميركي

من جهة ثانية، وصف الرئيس الروسي بـ"القرار التعسفي" الحكم بالسجن على الروسية ماريا بوتينا في الولايات المتحدة بتهمة العمل لحساب موسكو.

وكانت محكمة أميركية أصدرت، أمس الأول، حكما بسجن بوتينا التي أوقفت في يوليو الماضي، 18 شهرا، بعد تحقيق استمر 3 سنوات حول تدخل موسكو في السياسة الأميركية، ويفترض أن تبقى في السجن 9 أشهر بعدما أمضت نصف العقوبة.

ووظفت بوتينا، التي تترأس مجموعة صغيرة روسية تنادي بحق حمل السلاح، علاقاتها بـ"الاتحاد الوطني للأسلحة"، لوبي السلاح الأميركي الواسع النفوذ، لبناء شبكة اتصالات قوية مع جمهوريين.

وتتعاون بوتينا مع القضاء الأميركي منذ أن أقرت بأنها عملت لحساب دولة أجنبية بدون إبلاغ حكومتها رسميا، وهي تهمة "تجسس خفيف" حسب محضر الاتهام.

في سياق آخر، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن مقترحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نزع السلاح النووي "ليست جادة"، متابعا: "سيكون من المثالي إخلاء العالم كله من السلاح النووي. لكننا من ناحية أخرى سنُحرم من عامل الردع. لا تنسوا عامل الردع والتكافؤ الرادع".

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الخميس عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن ترامب وجه الإدارة بإعداد اتفاقات جديدة مع روسيا والصين للحد من انتشار الأسلحة النووية.

اتفاق «أوبك +»

من جانب آخر، شدد الرئيس الروسي على أن بلاده لن ترفع على الفور إنتاجها النفطي عند انتهاء مهلة الإعفاءات التي منحتها الولايات المتحدة لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني في مايو الماضي.

وأفاد بوتين بأن موسكو "تنتج حاليا 1.5 مليون برميل نفط يومياً. يمكننا أن ننتج المزيد. لدينا إمكانات هائلة. لكن لدينا اتفاق مع أوبك «المعروف إعلامياً بأوبك بلاس» يقضي بالإبقاء على مستوى محدد من الإنتاج والاتفاق يبقى ساريا حتى يوليو المقبل".

وأعرب عن استعداد بلاده لـ"تلبية احتياجات ليس الصين فقط بل كل شركائها في العالم"، لكنه لفت إلى أن "العقوبات الأميركية بحق إيران يفترض أن تدخل حيز التنفيذ مطلع مايو. ولا أتخيل كيف سيكون رد فعل سوق النفط العالمي على ذلك"، وشدد على أن "أيا من شركائنا، بما في ذلك السعودية، لن يتخلى عن اتفاقاتنا في إطار أوبك".

وفي الأيام الأخيرة، تخطى سعر برميل النفط عتبة 75 دولارا للمرة الأولى منذ 6 أشهر، بعد أن أعلنت واشنطن الاثنين الماضي إلغاء الإعفاءات الأميركية التي تسمح لبعض الدول، مثل الصين والهند، باستيراد النفط الإيراني الخام رغم العقوبات المفروضة من جانب واشنطن.

وفي وقت سابق، ذكر "الكرملين" أن الرئيس الروسي أجرى محادثات واسعة مع نظيره الصيني شي جين بينغ أمس الأول، وتبادلا الآراء بخصوص سورية وفنزويلا وليبيا.