في البداية، ذكر المدير العام الأسبق في الشركة الكويتية للمقاصة العقارية، الخبير العقاري طارق العتيقي، أن الأرقام المذكورة في الدراسة التي أعدها اتحاد العقاريين مُبالغ فيها، متسائلا: ما هي الأسس التي استندت إليها تلك الدراسة؟وأوضح العتيقي أن بعض المناطق الحالية كانت مصممة في السابق لبناء عدد معيّن من الأدوار، وحين تم تغير القانون والسماح ببناء عدد أدوار أكثر، اتجه ملّاك تلك العقارات إلى هدمها وبناء عقارات كبيرة، مما فاقم من مشكلة مواقف السيارات.وقال إن حل مواقف السيارات بخطوتين يجب على الجهات المعنية اتخاذهما، الأولى هي الزام أصحاب العقارات سوى الاستثمارية أو التجارية بتوفير مواقف خاصة للمستأجرين، أو للعاملين، وعدم التراخي في هذه المسألة، إذ إن العديد من الدول تلزمهم وتفرض غرامات على المخالفين.وأردف العتيقي: أما الخطوة الثانية فهي البحث عن المناطق التي تعاني أزمة مواقف السيارات، وتثمين عدد العقارات وتحويلها إلى مواقف خاصة للسيارات، وطرحها للقطاع الخاص وفق نظام الـ B.O.T، وهذا ما قامت به دبي لحل تلك المشكلة.وأشار الى أن الحكومة ليست لديها سياسة موحدة نحو تحديد أسعار مواقف السيارات، وهذه تعتبر معضلة أخرى، إذ يجب وضع تسعيرة ثابتة، بحيث لا ترهق كاهل المستخدم، ولا تبخس حق الشركات المطورة.وقال إن الحكومة في الكويت تحتكر قطاع مواقف السيارات، إذ يجب عليها أن تترك هذا المجال للقطاع الخاص، وأن تكون هناك منافسة بين الشركات العاملة فيه، سواء من ناحية الخدمة أو التسعيرة، مع وجود رقابة حكومية.وأكد أنه لابد من وجود توجه نحو حل الأزمة، خصوصا في العاصمة، إذ ان إيقاف السيارات على الطرقات منظر غير حضاري، موضحا أن العاصمة تعد من أهم المناطق، وتفتقد تنظيم قطاع مواقف السيارات، مما يسبب المزيد من الازدحامات المرورية. أطلق اتحاد العقاريين، في بداية الشهر الجاري، دراسته حول مواقف السيارات في الكويت، وذلك بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وانتهت الدراسة الى أن الكويت بحاجة الى 40 مليون متر مربع لحل أزمة مواقف السيارات.وأشارت الدراسة الى أن حجم الاستثمار المطلوب لسد الفجوة في مواقف السيارات قدر بـ 7 مليارات دينار، أي ان تكلفة الموقف الواحد تبلغ 175 دينارا، بمتوسط مساحة بلغت 35 مترا مربعا.«الجريدة» سألت بدورها عددا من العقاريين حول جدوى الاستثمار في قطاع مواقف السيارات، وما هي أفضل الحلول لحل تلك الأزمة، حيث قال بعضهم إن الاستثمار في هذا القطاع غير مجدٍ، في ظل وجود العديد من المعوقات.ولفت العقاريون الى أن ارتفاع أسعار الأراضي يعد من أبرز المعوقات، موضحين أن هناك طرقا جديدة، سلكتها دول عديدة لحل أزمة مواقف السيارات، ومنها توفير مواقف ذكية تعتبر أقل تكلفة من المواقف التقليدية، وتستوعب أكبر قدر من السيارات.وبينوا أن من الحلول أيضا إلزام ملّاك العقارات بتوفير مواقف خاصة لسيارات المستأجرين، إذ إن هناك العديد من العقارات مخالفة، واستغلت المساحات المخصصة للمواقف في أنشطة تجارية، ومنها من حوّل السراديب الى مخازن، وفيما يلي التفاصيل:
عوامل العزوف
من جانبه، قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة عذراء العقارية، فيصل الكندري، إن هناك عددا من العوامل تجعل الشركات تعزف عن الاستثمار في قطاع مواقف السيارات في الكويت، ويأتي أول هذه العوامل ارتفاع أسعار الأراضي، الذي يعتبر معوقا لكثير من المشاريع وليس فقط المتعلقة بقطاع مواقف السيارات.ولفت الكندري إلى أن المستثمر يفضل بناء عقار استثماري أو تجاري بحسب رخصة الأرض، والاستفادة من العوائد التي تصل نسبتها إلى 9 في المئة، وفي بعض المواقع تصل الى أكثر، أما في ظل ارتفاع أسعار الأراضي، فلن يتجاوز العائد على مواقف السيارات ما نسبته 4.5 في المئة.وأفاد بأن من ضمن معوقات الاستثمار في مواقف السيارات ثقافة المجتمع، إذ يجب زيادة الوعي المجتمعي وثقافته في هذا الجانب، مشيرا الى أن هناك العديد من الأفكار المطبقة في الدول المتقدمة، ويمكن الاستفادة منها في هذا الشأن.وبيّن أن هناك العديد من الدول سلكت طرقا حديثة لاستيعاب أكبر قدر من السيارات وحل أزمة المواقف، موضحا أن الكويت تعاني بشكل واضح عدم توافر مواقف خاصة بسيارات الموظفين والمراجعين، أو حتى قاطني الشقق في المناطق السكنية الاستثمارية.وأوضح أن عدم توفير مواقف للسيارات، وخاصة في عاصمة الدولة، سبب الكثير من الازدحامات المرورية نتيجة للوقوف على جانبي الطرقات، إضافة الى المنظر غير الحضاري.وأشار الكندري الى أن الدول المتقدمة تولي قطاع السيارات اهتماما أكبر، حيث يعد من القطاعات المهمة، والتي يكون لها آثار سلبية في حال إهمالها.وذكر أن من أبرز الحلول وجود ما يسمى بـ «المواقف الذكية»، إذ يعتبر هذا النظام أقل تكلفة من المواقف التقليدية، إضافة الى أنه يستوعب أكبر قدر من السيارات، موضحا أنه في ظل وجود التكنولوجيا الحديثة من الممكن أن يكون الاستثمار في قطاع مواقف السيارات أكثر ربحية، فهي توفر الجهد والمكان، وتستوعب أكبر قدر من السيارات.وأردف أنه يجب على الجهات الحكومية التفكير بشكل جدي في حل هذه المسألة، وأن تحذو حذو الكثير من الدول التي طبقت الأنظمة الذكية، مشيرا الى أن حل مشكلة مواقف السيارات يعتبر جزءا من الخطط التنموية.تكاليف عالية
من ناحيته، قال الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم إن قطاع مواقف السيارات غير مجز، في ظل التكاليف العالية، وفي ظل وجود بدائل استثمارية أكثر ربحية، إذ تفضل الشركات العقارية الاستثمار في القطاعات العقارية الأخرى بدلا من قطاع مواقف السيارات.وتابع الدغيشم: لا شك في أن الكويت تعاني نقصا في مواقف السيارات، مما سبب العديد من المشاكل والازدحامات المرورية، وخاصة في العاصمة والمناطق الاستثمارية المكتظة بالسكان.وبيّن أن أساس المشكلة هو التراخي في تطبيق القانون، حيث إن هناك العديد من أصحاب العقارات الاستثمارية والتجارية يقومون بتشييد عقاراتهم دون توفير مواقف خاصة للسيارات.ولفت الى أن الحل يكون في إلزام أصحاب العقارات بتوفير المساحات الخاصة بالسيارات، مع منح نسبة بناء حتى لا تتأثر إيرادات العقارات، موضحا أن هناك العديد من العقارات الاستثمارية حولت السراديب التي كانت مخصصة لمواقف السيارات الى مخازن.وأضاف أن فتح المجال للشركات للاستثمار في قطاع مواقف السيارات، لن يصب في مصلحة السوق ولا المستهلك، إذ سترفع الشركات التسعيرة، لتعظيم الربحية، حيث إن أفضل الحلول هو الزام العقارات بتوفير مواقف مخصصة.وذكر أن على الجهات المعنية تطبيق كافة القرارات المتعلقة بنظم البناء والتشييد، ووضع غرامات رادعة على العقارات المخالفة لتلك الأنظمة، موضحا أن العقارات المخالفة لها كثير من السلبيات، وليس فقط موضوع مواقف السيارات.وأوضح أن العقارات المخالفة تشكل ضغطا كبيرا على الخدمات المقدمة من الدولة وعلى بنيتها التحتية، موضحا أنه لابد من وضع خطة تعمل من خلالها الجهات المعنية بتخفيف الكثافة السكانية في بعض المناطق.