أسواق النفط على محك شح الخام والأزمات الاقتصادية

في حال فشلت مساعي تعويض حصة إيران في الأسواق العالمية

نشر في 30-04-2019
آخر تحديث 30-04-2019 | 00:03
No Image Caption
بينما تستعد دول بعينها لتنفيذ العقوبات الأميركية على الإعفاءات التي كانت مقررة على استيرادها للنفط الإيراني، مع مطلع الشهر المقبل، تزداد الأسواق النفطية تعقيدا وشحا في المعروض، ما لم تتدارك الدول المنتجة صعوبة الأمر، وتعمل على تعويض حصة طهران التي سيفتقدها السوق.
لعل الدول المعنية بزيادة الإنتاج تعويضا للغياب المحتمل لحصة ايران النفطية في الاسواق خلال الايام القليلة المقبلة هي دول الخليج، وتحديدا السعودية، وقد تنضم الامارات لتعويض نقص الاسواق المحتمل.

ويرى محللون ان أسواق النفط ستكون أكثر تشددا مما كانت عليه قبل بضعة أشهر، ويرجع ذلك إلى خفض الإنتاج من قبل دول "أوبك+" والانقطاعات من فنزويلا، وإيران، وأخيرا ليبيا، فضلا عن "مرونة الطلب" المفاجئة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

33 مليون برميل

ويشير المحللون الى ان هناك اجتماعا سيضم وزراء دول اوبك وحلفائها خلال شهر تقريبا، لبحث ما إذا كان اتفاق خفض الإنتاج سيتم تمديده أم أنه حقق ما كانت تصبو اليه دول "أوبك" لسحب الاحتياطات النفطية من الأسواق، والتي كانت تبلغ قبل التمديد الاخير لاتفاق خفض الانتاج نحو 33 مليون برميل.

وبالنظر الى المخاوف الخاصة بانكماش الاقتصاد العالمي، الامر الذي قد يسبب ربكة في الطلب على الخام، فإن المؤشرات الاقتصادية العالمية تشير الى أن الاقتصاد الصيني، الذي يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم، يبدو انه بدأ يستجيب للتدابير التحفيزية التي اتخذتها حكومة بكين، حيث ترتفع مؤشرات مديري المشتريات وتتعافى طلبات التصدير، رغم أن هناك دلائل على أن أحجام الشحن الجوي قد تتراجع من ناحية الطلب.

ورغم قوة الطلب الصيني هناك مجموعة واسعة من التوقعات من مختلف المحللين والوكالات في هذا الجانب، تظهر أرقام الطلب الأولي على النفط في الفترة من يناير إلى فبراير نموا قويا قدره 410 آلاف برميل يوميا على أساس سنوي، كما شهدت الهند نموا في الطلب بمقدار 300 ألفا، بينما أضافت الولايات المتحدة 295 ألفا إلى الطلب العالمي مدفوعة بقطاع البتروكيماويات المتنامي.

تراجع الطلب

ويرى بعض المتخصصين في الاسواق النفطية أن من المحتمل أن يتراجع الطلب مرة أخرى خلال الربع الأول من العام الحالي، بسبب ضعف اقتصادات بعض الدول الأوروبية المحتمل في حالة حدوث خروج غير منظم لبريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإن بعض المخاوف بخصوص انكماش الطلب العالمي بدأت في التلاشي، والرأي القائل إن انخفاض الطلب يشير إلى مشكلات أوسع في الاقتصاد العالمي ليس مقبولا على الاقل في الوقت الحالي.

ومقابل ذلك فإن هناك جهات تحليلية عالمية تشير الى أن الطلب على النفط لا يزال قويا جدا، والطلب على السلع بصورة عامة قوي نسبيا، والطلب قوي جدا في الصين الآن.

لكن وكالة الطاقة الدولية أشارت إلى التخفيض الأخير في توقعات صندوق النقد الدولي للناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ كما أن ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي أيضا إلى انخفاض الطلب.

وكتبت الوكالة، في تقريرها الأخير، ان من الواضح أن أسعار خام برنت عند مستوى 70 دولارا للبرميل أقل راحة للمستهلكين مما كانت عليه في بداية العام، وقد حذرت الوكالة باستمرار من مخاطر ارتفاع الأسعار، مضيفة: "الوقت فقط هو الذي سيحدد ما إذا كانت توقعاتنا للطلب الحالي تثبت صحتها، لكن المخاطر حاليا في الاتجاه الهبوطي".

وفي الربع الأول من هذا العام، كان نمو الطلب إلى حد ما ضعيفا، حيث نما بنسبة 1.05 مليون برميل في يوم على أساس سنوي، ومن المحتمل أن يتراجع الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 140 ألفا يوميا.

ومع ذلك أبقت الوكالة على توقعاتها لنمو الطلب البالغة 1.4 مليون برميل يوميا، بحجة أن الاستهلاك يجب أن يرتفع في الربع الثاني وبقية العام، حتى مع إقرارها باحتمال ألا يرقى لذلك.

من جانب آخر، يبدو أن إجراءات التحفيز التي اتخذتها الصين قد أوقفت التباطؤ، على الأقل حتى الآن؛ حيث انقلبت معظم المؤشرات الصينية في مارس من السلبية إلى الإيجابية، ما قلل المخاوف من حدوث انكماش كبير.

دعم الأسعار

لكن جانب العرض للمعادلة يبدو أكثر إقناعا في دعم الأسعار، حيث إن تخفيضات "أوبك" وحلفائها من الواضح جدا أنها تسهم في تشدد أسواق النفط؛ وفي هذا الجانب لاحظت "الطاقة الدولية" أنه منذ فبراير الماضي كانت المخزونات العالمية أعلى من متوسط السنوات الخمس بمقدار 16 مليون برميل.

ويمكن القول إن العنصر الأكثر أهمية هو الانخفاض الحاد في الإنتاج بإيران وفنزويلا، وأخيرا الخوف من انقطاع الإمدادات في ليبيا. وبالنظر الى انخفاض إنتاج "أوبك" بمقدار 550 ألف برميل يوميا في مارس الماضي وحده، فقد أدى ذلك إلى تقلص إجمالي العرض العالمي بمقدار 340 ألف برميل يوميا.

وأشار خبير نفطي الى ان التباطؤ في نمو إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة ساهم الى حد كبير في تشدد أسواق النفط، مقارنة بالتوقعات التي كانت سائدة قبل بضعة أشهر، حيث إن التباطؤ في نشاط الحفر في بداية العام الحالي وانخفاض الإنفاق، وزيادة معدل تراجع إنتاج الآبار القائمة، والأداء الضعيف غير المتوقع للآبار التي تم حفرها بالقرب من البئر الأصلية تدعم التوقعات التي تشير إلى ضعف نمو إنتاج الولايات المتحدة.

مخزون النفط

وعلى العكس مما سبق فقد ذهب أحد المعنيين بأسواق النفط إلى أنه "يمكننا مجابهة عجز مخزونات النفط بكل سهولة، من خلال خفض اعتمادنا على النفط الخام، لكن في الوقت الذي قد لا تبدو هذه الخطوة جدية، من المحتمل أن نكون مضطرين إلى القيام بذلك مضطرين فيما بعد".

وأضاف أنه من المرجح أن يكون سعر النفط محددا، فالتكلفة النسبية لبدائل النفط ستصبح أكثر قابلية للتطبيق مع مرور الوقت، مبينا أنه من غير المرجح أن تنفد احتياطيات النفط تماما، لكن استخراجه من الأعماق واستكشاف احتياطيات جديدة ستصبح مكلفة مع مرور الوقت.

وأعرب خبير نفطي أنه بمجرد أن يصبح سعر النفط مكلفا في المستقبل، سيبدأ المستهلكون البحث عن بدائل، مضيفا انه حتى في حال عدم العثور على بديل موثوق ستكتشف طرق أخرى لاستخدام الموارد الحالية بكفاءة أكبر.

لكن الخطوة الأهم، بحسب الخبير، تكمن في "اننا بحاجة إلى بدء استخدام هذه الموارد بكفاءة أكبر لتوسيع قدرتها كمصدر للوقود بعد عام 2070، أو الانتقال إلى استهلاك مصادر الطاقة الأخرى على غرار الطاقة النووية، أو مصادر الطاقة المتجددة".

back to top