إنهاء الإعفاءات الأميركية يضاعف الضغوط النفطية
تمثل أحدث تطور بارز في قطاع الطاقة العالمي في القرار الأميركي الأخير القاضي بإنهاء خطوات الإعفاءات من العقوبات المتعلقة باستيراد النفط الإيراني، والتي شملت طائفة من الدول والشركات لأسباب متعددة. ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السعودية أخيراً إلى عدم رفع إنتاجها النفطي، بهدف التعويض عن الخام الإيراني الخاضع لتلك العقوبات.وتحسبت شركات النفط المحلية والعالمية لتداعيات قرار الرئيس ترامب الداعي إلى تصفير صادرات النفط الإيراني، وسط تباين في المواقف المعلنة –وغير المعلنة– والتي أسفرت عن رفع أسعار الخام مدفوعة بعوامل اقتصادية حاكمة.
وكان التركيز منصباً إلى حد كبير على النفط الصخري للتعويض عن المفقود من الخام الإيراني في أسواق الطاقة، والذي شهد تحسناً واعداً، رغم صعوبة التعويل عليه في الأجل الطويل. ويرى محللون أن التوجه نحو مصادر طاقة سريعة النضوب – مثل النفط الصخري – لن يحل المشكلة التي تحفل بتداعيات جيوسياسية واسعة، خصوصا في مناطق الاضطرابات الكثيرة في عالم اليوم. وغني عن القول إن مصادر الطاقة البديلة النظيفة مثل السيارات الكهربائية، ومزارع الرياح، والشمس لن تعدل سوى جزء بسيط – في أحسن الأحوال – من الحاجة الى طاقة مستدامة تحول دون تعثر الاقتصاد العالمي، بحسب مصادر البنوك العالمية، ومؤسسات الإنتاج على اختلافها. ويرى محللون للشؤون الإيرانية – الأميركية أن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على طهران، والتي كانت تهدف بشكل أساسي إلى تجفيف منابع العملات الصعبة في ايران ستفضي الى تأثير كبير على قدرة حكومة طهران على تزويد حلفائها باحتياجاتهم من العملة الصعبة، وبالتالي فإن ذلك سيفضي الى إضعاف تأثيرها الإقليمي على الأقل، والذي تشير التقديرات التي شهدها العالم، بعد مرور نحو سنة على خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، إلى أنها لم تحدث الهدف المرجو منها بالنسبة إلى خريطة طريق إيران وأجندتها في المنطقة، كما يظهر من خلال استمرار الاضطرابات في سورية واليمن وليبيا.ومن هذا المنطلق رأت إدارة ترامب وجود حاجة ملحة الى تشديد العقوبات الاقتصادية بأمل التوصل إلى التأثير الذي استهدفته تلك العقوبات في المقام الأول.ولكن الغاء الإعفاءات التي صدرت عن الإدارة الأميركية، والتي كانت أعطيت الى 8 دول هي: الصين، والهند، وكوريا الجنوبية، واليابان، وتركيا، واليونان، وايطاليا، وتايوان، اعتباراً من بداية الشهر المقبل، سيدخل الدول التي تعول على استيراد النفط الايراني في أزمات اقتصادية وسياسية محلية ودولية مجهولة العواقب.في غضون ذلك، وبعيداً عن الاعتبارات الاقتصادية، ثمة مخاوف متزايدة عسكرية – سياسية من احتمالات اندلاع حرب في منطقة الشرق الأوسط، إذا قررت إيران أخيراً الرد على الخطوة الأميركية بإغلاق مضيق هرمز، ومنع مرور نحو 18 مليون برميل من صادرات النفط من السعودية والكويت ودولة الإمارات والعراق عبر ذلك الممر الحيوي.من جهة أخرى، وفي الحسابات المحتملة أيضاً، هناك فرصة تلوح في الأفق الآن، لأن ترفع ايران من عمليات تخصيب اليورانيوم الى درجة تسمح لها ببناء ترسانة نووية عسكرية قد تشكل تهديداً إقليمياً ودولياً يصعب تحديد تداعياته وامتداداته.