قال صندوق النقد الدولي أمس إن الضبابية التي تكتنف توقعات أسعار النفط، وضعف الأوضاع الاقتصادية العالمية، يفرضان مزيدا من الضغوط على مصدري النفط في الشرق الأوسط لتعميق الإصلاحات وتعزيز خلق الوظائف.وأضاف الصندوق، في توقعاته الاقتصادية الإقليمية، ان الكثير من دول المنطقة شرعت في إصلاحات مالية واقتصادية بعد انهيار أسعار الخام في 2014، الذي أضر بمالياتها وأعاق النمو، لكن البطالة تظل مرتفعة ومن المتوقع أن يظل إجمالي النمو ضعيفا هذا العام.
ولفت الى ان على مصدري النفط في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأفغانستان وباكستان استئناف الضبط المالي لإعادة بناء ممتصات الصدمات، وتعميق وتوسيع الإصلاحات الهيكلية لتنويع موارد الاقتصادات.وأردف: "أصبح هذا مطلبا أشد إلحاحا نظرا لنتائج النمو الأقل فاعلية بسبب بطء ضبط الأوضاع المالية والبطالة التي تظل مرتفعة وبخاصة بين الشبان".وتشير حسابات الصندوق إلى أن دول الخليج العربية وحدها ستحتاج إلى إيجاد نحو مليون وظيفة جديدة سنويا، لما لا يقل عن 5 أعوام مقبلة لاستيعاب القوى العاملة الجديدة.ويتوقع صندوق النقد تباطؤ النمو لدى مصدري منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأفغانستان وباكستان 0.4 في المئة هذا العام من 0.6 في المئة العام الماضي، فيما يرجع جزئيا إلى انكماش اقتصادي متوقع بنسبة 6 في المئة بإيران وقيود إنتاج النفط المتفق عليها بين أوبك وحلفائها.ومن المتوقع أن تشهد دول الخليج زيادة طفيفة في النمو إلى 2.1 في المئة من 2 في المئة العام الماضي، مدعومة بشكل رئيسي بالإنفاق الحكومي وبدء العمل في بعض مشروعات البنية التحتية.ومن المتوقع أن يتسارع النمو الاقتصادي للجزائر قليلا إلى 2.3 في المئة من 2.1 في المئة، بفضل ارتفاع إنتاج النفط والغاز، بينما سيزيد نمو العراق بشكل أكبر إلى 2.8 في المئة من 0.6 في المئة العام الماضي.
بطالة لا تتزحزح
وأفاد صندوق النقد الدولي بأن التوترات الاجتماعية المتزايدة في بعض الدول، على خلفية تراجع النمو وأعباء الإصلاحات قد تهدد الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي وربما تؤجج صراعات.وتنحى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بعد 20 عاما في السلطة، في وقت سابق هذا الشهر، بعد أسابيع من المظاهرات المطالبة بالتغيير السياسي والاقتصادي في البلاد، وأطيح بحاكم السودان لفترة طويلة الرئيس السابق عمر البشير في انقلاب عسكري هذا الشهر، بعد احتجاجات مستمرة على خلفية ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة العالية.واستدرك الصندوق: "العوامل الاقتصادية عادة ما تكون دافعا للاحتجاج وأشكال أخرى من الاضطرابات الاجتماعية... التقدم في هذه القضايا مازال بطيئا".وبالنسبة للدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأفغانستان وباكستان، مازالت معدلات الدين العام أعلى كثيرا من الحدود القصوى للاقتصادات الناشئة، إذ تتجاوز 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بمصر والأردن ولبنان والسودان، مما يضيق الحيز المالي لتطوير البنية التحتية والاستثمار في الصحة والتعليم وبناء شبكة أمان مستدامة.وتابع: "جهود ضبط الأوضاع المالية بحاجة إلى تكثيف إعادة بناء مصدات الصدمات، على أن تكون موجهة بشكل مناسب صوب التركيز على ضبط مالي لا يؤثر سلبا على النمو".وفي أغلب المنطقة، مازالت محركات النمو الاقتصادي تقودها الدولة بشكل أساسي، إذ تظل الشركات الوطنية تسيطر على قطاعات مثل النقل والطاقة والبناء.وقال الصندوق إن نماذج النمو، الذي تقوده الدولة، تميل إلى مزاحمة ائتمان القطاع الخاص، ولا تقدم النمو واسع القاعدة والمستدام الضروري لخلق فرص العمل.