اختتمت الدورة الأولى لمهرجان «قابس سينما فن» بحفل توزيع الجوائز على المتوجين وبعروض تنشيطية بمدينة قابس، وأمام قاعة «لاغورا»، وقدمت التلفزة الوطنية التونسية، الشريك الإعلامي للمهرجان، بثا مباشرا لفعاليات سهرة الاختتام التي أحيا فقرتها الموسيقية ثنائي «دنيا أخرى» في مزج جميل بين تراث الأجداد والإيقاعات المعاصرة، وذلك بحضور عدد كبير من صناع السينما والوجوه الدبلوماسية، والفنية تونسية، عربية وأجنبية.وكسب» قابس سينما فن» رهان الجمهور في دورته الأولى، حيث شهدت مختلف العروض السينمائية والبرامج الموازية حضورا لافتا من شباب المنطقة، كما العائلات، إذ منحت برمجة «قابس سينما فن» الجمهور خيارات ثرية بين سينما موجهة للطفل، وأخرى تعكس تجارب سينمائية شابة وبديلة هي الأولى أو الثانية لصناعها، مع اهتمام كبير بالجديد والآني على خريطة الانتاج السينمائي التونسي والعالمي، فكانت أفلام المهرجان محل اهتمام وتفاعل كبيرين من متابعي الفن السابع بواحة المتوسط والوافدين عليها من جنوب تونس أو غيرها من مناطق البلاد.
وبحث مهرجان «قابس سينما فن» عن التميز في زخم المهرجانات المحلية والدولية، وتمكن من جذب الانتباه منذ انطلاقة دورته التأسيسية، التي أَضفت إشعاعا على قابس، وبدأت في استعادة التقاليد السينمائية العريقة للجهة مع شباب مشغوف ومتحمس للسينما والفنون، ومن بينهم 60 شاباً وشابة كوّنوا الفريق التطوّعي للمهرجان، وتميّزوا بحسن الانضباط والرقيّ في التعامل مع الضيوف والجمهور المواكب لفعاليات المهرجان.ويشكل الواقع الافتراضي، الفنون المعاصرة وتعبيرات الفرجة الحديثة الفن الثامن بعد السينما، وهو يحاكي واقعنا وقضايانا ويجذب الشباب. ولا حدود في «قابس سينما فن» بين الفنون، كما أكدت المندوبة العامة للمهرجان فاطمة الشريف. وضمن هذه الأجواء أدرجت تظاهرة «هاكتون الحقيقة الافتراضية» في سابقة أولى في تونس، وحظيت فعالياتها بمواكبة لافتة من الشباب، خاصة منهم طلبة المجال السمعي البصري في المعهد العالي للفنون والحرف بقابس والمنخرطين في نادي VFX بالمعهد العالي للإعلام والملتيميديا في قابس، وتوّج فيلم «بين ثناياها» لكلّ من نهاد رحماني، وسميحة العجل، ونسرين دهمان وأنور بلخير بجائزة مسابقة أفلام 360° في تونس، المبرمجة ضمن هذه الفعاليات لأفلام الواقع الافتراضي «لقابس سينما فن» 2019.بدوره، يعتبر «art shows» مشروعاً فريدًا في خياراته وفي هذا السياق أكدت فاطمة الكيلاني المشرفة على المشروع أن معارض الفنون المعاصرة المبرمجة بالساحة العامة للمدينة، منطقتي «الكازما» و«الأحواز» هي وليدة بحوث مخبرية، وذلك بعيدًا عن الرقابة والقيود المادية، ويهدف برنامج العروض السينمائية والفنية إلى دفع حركة الفنون المعاصرة في الجهة التي مازالت تعتبر مهمشة في هذا المجال. ومن الأشكال التعبيرية الحاضرة في فعاليات «art shows» معرض الفنان نبيل الصوابي في قاعة «لاغورا» الذي يصور العالم السينمائي لأندري تاركوفسكي و«حقرة» لآمال بن عطية، واسمهان تليل وهيثم بن عاشور، ويصور العرض اللحظات الأخيرة من حياة حبيبة مسيكة وموتها حرقًا على يد عشيقها على وقع الموسيقى الإلكترونية. ويعدّ «الماستر كلاس» من الفعاليات المهمة في المهرجان، التي يسعى «قابس سينما فن» للحفاظ عليها في دوراته القادمة وتطوير مضامينها، وفي الدورة الحالية حظي المهرجان بدعم كل من سفيان ألفاني وأمين المسعدي لتقديم «ماستر كلاس» في إدارة التصوير، واستقطبت الورشة حضورا وتفاعلاً كبيرين من طلبة ومحبي السينما، حسب ما أكده المدير الفني للمهرجان سامي التليلي.
ورشة فن
بدورها، لم تتأخر هند صبري في دعم المهرجان، وكانت متحمّسة للقاء طلبة وشباب قابس في ورشة فن إدارة الممثل، وشاركت في معظم الفعاليات، وواكبت مع جمهور قابس عددا من العروض السينمائية للمخرجين في تجاربهم السينمائية الأولى. برمجة قابس سينما انفتحت كذلك على فضاءات جديدة خارج قاعة السينما، منها عروض في سوق «جارة»، سوق «المنزل»، الجامعات، المراكز الثقافية والجامعية والمعتمديات (مطماطة، الحامة، مارث..). وهكذا احتفى مهرجان «قابس سينما فن» الذي أطلق تحت شعار «تعالَ شوف» بالثقافة خارج سياقها الكلاسيكي طارحاً البديل بمقياس من جودة الأفلام والتصوّرات المبتكرة والسباقة على غرار «الواقع الافتراضي» والاستعراضات الفنية وحلقات نقاش، مثل جلسة «مستقبل السينما العربية» وندوات عالجت إشكاليات صناعة السينما من سوق الإنتاج والتوزيع إلى كيفية اقتراح السينمائي لخطاب يماثله في ظل التحديات والقيود السياسية في علاقة الشمال بالجنوب.