تباطؤ في إنجاز مشروع مدينة الحرير؟
من خلال ما سمعنا وقرأنا عن مشروع مدينة الحرير نرى أنه من المشاريع النهضوية الضخمة، يحمل فكرة رائعة وتحتاج إليه الدولة، وخصوصا أن الخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين يؤكدون أنه سيساهم في تنويع مصادر الدخل للدولة.
مشروع مدينة الحرير من المشاريع النهضوية الضخمة، خضع لدراسات شاملة من مجلسي الوزراء والتخطيط منذ أكثر من عشر سنوات، وتأكد للدولة أن تحقيق هذا المشروع سيؤدي، بإذن الله، إلى تحقيق نهضة شاملة وسريعة وغير مسبوقة في دولة الكويت، سواء من الناحية العمرانية أو السياحية أو الاقتصادية أو الثقافية على حد سواء. ومن الطبيعي أن يتطلب نجاح المشاريع النهضوية اتخاذ قرارات استثنائية وسريعة لتتمكن من تجاوز العقبات التي قد تعرقل سرعة تنفيذ المشروع، وخصوصا العقبات الإدارية والمالية التي ابتلي بها المجتمع الكويتي، فقد ابتلينا بروتين وبيروقراطية إدارية قاتلة لأي مشروع، ولا تشجع أي مستثمر محلي أو أجنبي على العمل في الكويت. لذلك تمت صياغة مشروع إنشاء قانون الهيئة العامة لمدينة الحرير وبوبيان وميناء مبارك بهذه الصورة التي منحت العاملين في المشروع صلاحيات واسعة لتجاوز تلك العقبات.
وما إن أحيل مشروع القانون إلى مجلس الأمة حتى أثيرت حوله الكثير من الشكوك والشبهات والتساؤلات حول القانون والصلاحيات التي ستمنح للهيئة التي ستتولى تنفيذ المشروع، والكثير من النقد الذي وجهه المعارضون للمشروع، سواء من خلال ما يكتبونه من مقالات في الصحافة أو عبر المنصات الإعلامية التي يتحدثون من خلالها. ينتقدون الصلاحيات الممنوحة لرئيس هيئة المشروع ومجلس الأمناء لأنهم يرونها من وجهة نظرهم صلاحيات أكبر من الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور دولة ليست تابعة لدولة الكويت ولا تخضع لقوانينها ولا لرقابة ديوان المحاسبة المالية والإدارية السابقة واللاحقة، ولا تلتزم بما تجرمه قوانين الدولة من آداب وسلوكيات. ومن ثم بدأت تلك الجماعة تحرض ضد المشروع وتؤلب الرأي العام ضده، على أساس أنه قد ينجم عنه اختلاسات من المال العام بسبب ضعف الرقابة، وقد يؤثر سلبا على الأخلاق العامة للدولة وبصفة خاصة المتصلة بالدين والقيم والتقاليد الأساسية للدولة. المشروع من خلال ما سمعنا وقرأنا عنه مشروع ناجح وفكرة رائعة وتحتاج إليه الدولة، وخصوصا أن الخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين يؤكدون أنه سيساهم في تنويع مصادر الدخل للدولة، فتنويع مصادر الدخل رغبة نادى بها خبراء التنمية، وكانوا يحذرون من اعتماد الدولة على مصدر وحيد وناضب وهو النفط، ومن ثم بدأ التفكير بصندوق الأجيال القادمة والاستثمارات الخارجية. والآن برز مشروع مدينة الحرير وهو من المشاريع المستقبلية المهمة الذي ستستفيد منه الأجيال القادمة، لأنه سيساهم في تنويع مصادر الدخل وسيؤدي إلى مردود وعائد مالي كبير يضاف إلى العائدات النفطية والاستثمارات الخارجية، وسيساهم في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي. ولا شك أن الدولة بحاجة إلى زيادة مواردها المالية لتلبي الزيادة المتوقعة في أعداد السكان، ونأمل ألا يفقد هذا المشروع أهميته، وأن ينال التأييد من غالبية أطياف المجتمع، وإن وُجدت معارضة فهي معارضة قليلة وضعيفة.