حدث ما حذرت منه "الجريدة" في أكثر من مناسبة، وهو "سلق" التشريعات دون مراجعة لدستوريتها، فقانون تعارض المصالح الذي كانت تعتبره السلطتان التشريعية والتنفيذية إنجازاً في مكافحة الفساد، أبطلته المحكمة الدستورية مع لائحته التنفيذية.

وأكدت "الدستورية"، في حيثيات حكمها أمس، أن القانون خالف مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، وجاءت عباراته غامضة ومبهمة، وليس لها مدلول محدد، وتتسع لتشمل المصلحة المادية المحتملة وغير المالية التي تنشأ عن علاقات شخصية أو عائلية أو غيرهما، مؤكدة أنها عبارات غير منضبطة تؤول إلى الاحتمال والظن والتخمين.

Ad

وأشارت إلى أن القانون يخالف نصوص الدستور بشأن حق الحرية في العمل وحماية رأس المال، إذ إن الأصل في تعارض المصالح أنه محض حالة عارضة لا تشكل في حد ذاتها إثماً جنائياً ما لم تقترن بسلوك من الخاضع لأحكامه يرتب ضرراً بالوظيفة أو المصلحة العامة.

وذكرت أن الأصل في النصوص القانونية، التي ينتظمها موضوع واحد، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تمثل فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، لافتة إلى أن نصوص المواد المشار إليها كانت ترتبط مع سائر نصوص القانون ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة.

الجريدة. أكدت بطلانه منذ إقراره

منذ اللحظة الأولى لإقرار مجلس الأمة في مارس 2018 قانون «حظر تعارض المصالح»، تبنت «الجريدة» حملة منظمة أكدت فيها تعارضه الصارخ مع الدستور، مبينة عبر عدد من كتابها، وفي مقدمتهم المستشار شفيق إمام، ما فيه من مثالب، حيث كتب دراسة مفصلة، على مدى أكثر من عدد، حول العوار الذي يتضمنه هذا القانون.

وفي تلك الدراسة، أكد إمام أن هذا القانون خرج عن هدفه بتضمنه مثالب متعددة، إذ إنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما أن ما يفرضه من واجبات على النواب مخالف للدستور الذي يحدد وحده واجباتهم، وما يُحظَر عليهم، لافتاً إلى أن تفويض القانون إلى لائحته التنفيذية تحديد السلوك العام للنواب يعارض مبدأ الفصل بين السلطات.

وأضاف أن ذلك القانون يعاقب الخاضع لأحكامه، ولو كانت الفائدة أو المصلحة التي عادت عليه أو على غيره مشروعة، فضلاً عن تقييده الحرية الشخصية وحق الملكية اللذين صانهما الدستور، إلى جانب أنه بغموضه وانفلات عباراته يعاقب من تنحى عن عمل من أعمال وظيفته لاستشعاره الحرج.