خمسة حلول مستدامة لأمن الشرق الأوسط
أفضل استراتيجية يجب أن تعمل عليها الولايات المتحدة في سنة 2020 وما بعدها هي تشييد بناء أمني أكثر صلابة، والعمل على تحقيق الاستقرار في شمال إفريقيا، والحفاظ على الحد الأقصى من الضغوط على إيران، وتعزيز الانتصار على تنظيم «داعش»، والالتزام بإنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
الولايات المتحدة قوة عالمية لديها مصالح ومسؤوليات عالمية أيضاً، وتتوقف حماية تلك المصالح على قدرة الوصول الى المجالات البحرية والجوية والفضاء السيبراني إضافة إلى الاستقرار في أوروبا والشرق الأوسط ومناطق المحيط الهادئ كالهند وهي مراكز تجارية مهمة وحيوية.وفي بعض الوجوه والسبل يعتبر الشرق الأوسط الأكثر أهمية بين تلك الشريحة الثلاثية، فهو يشكل تقاطعاً للسفر التجاري البحري والجوي، وهو وجهة طاقة عالمية وحلقة من الشبكات المالية الدولية ومعبر للهجرة، كما أن الكثير من الأشياء الجيدة والسيئة في العالم تتمركز في الشرق الأوسط أو تمر عبره بشتى الوسائل.وتزداد احتمالات ازدهار وأمن الولايات المتحدة دائماً عندما يكون هذا الجزء من العالم أكثر استقراراً وسلاماً وازدهاراً، وأي استراتيجية أميركية جدية لفترة ما بعد عام 2020 يجب أن تشتمل على مكون جدي للتعامل مع الشرق الأوسط الكبير بما في ذلك شمال إفريقيا.
القيادة من الخلف
بعض بلاغة الرئيس ترامب تطرح ما يصرف الانتباه، ولكن القيادة الاستراتيجية تنطوي على أكثر من مجرد الكلام الذي يقال أو يرسل عبر تغريدة، ثم إن الأكثر أهمية هو ما تقوم به الحكومة الأميركية بشكل فعلي.وفي الجانب «العملي» من المعادلة عكست إدارة ترامب أعواماً من فك الاشتباك مع القوى الإقليمية، وهذا يعني أن السياسة الأميركية لم تعد قاسية في التعامل مع الآخرين، وتتركز سياسة الرئيس ترامب على أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تغيير الأنظمة وبناء دول، وأنها تقوم بدورها وعلى الدول الأخرى القيام بالدور الخاص بها أيضاً، وكل هذه السمات المتميزة جلية في سياسة واشنطن إزاء الشرق الأوسط. الجانبان المثيران للقلق في استراتيجية الولايات المتحدة الإقليمية هما أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار والخطر المتمثل بالجماعات الإرهابية الدينية مثل تنظيمي «داعش» و»القاعدة».وكان أحد إنجازات الإدارة الأميركية الواضحة هو المساعدة في تفكيك ما يدعى هدف تنظيم «داعش» وإنهاء وجوده في ساحة المعركة، وهي الخطوة التي وجهت ضربة واسعة نفسانية للحركة الدينية هذه، وأزالت منصة خطر مدوية للإرهاب. كما انسحبت الولايات المتحدة أيضاً من خطة العمل المشتركة الشاملة التي تعرف باسم اتفاق إيران، وكانت تلك خطوة أولى في تحدي نفوذ إيران المريب في منطقة الشرق الأوسط، وإضافة إلى ذلك ساعدت الولايات المتحدة في فرض ضغوط على أنصار إيران مثل الحوثيين في اليمن والميليشيا الشيعية في العراق.التحديات الكبرى المقبلة
كانت هذه الأعمال ضرورية ومساعدة، ولكن المنطقة لم تصبح آمنة، وبعض مشاكلها المستمرة تفاقمت نتيجة خطوات الولايات المتحدة الخاطئة، وقاوم آخرون النفوذ الأميركي بعناد وشملت تلك التصرفات المتاعب الجيوسياسية في اليمن والعلاقات غير المستقرة مع دول مجلس التعاون الخليجي والعلاقات مع تركيا ونقص التقدم نحو حقوق الإنسان والحرية الاقتصادية والشكوك حول سورية والعدد الهائل من اللاجئين والهجرة غير الشرعية والتهديد المستمر من جانب الجماعات الإرهابية. وفي بعض الحالات سوف تركز الاستراتيجيات الأفضل على التريث والتساوق، ويتعين على الولايات المتحدة إبقاء ضغوطها من أجل معاقبة نفوذ طهران وعزلها وتقليص سيطرتها على أتباعها، وتظل الشراكات الإقليمية حول محاربة الإرهاب حيوية ومهمة، كما يتعين على الولايات المتحدة أيضاً متابعة قضايا حقوق الإنسان والحرية الاقتصادية. ومن جهة أخرى يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار في السعي إلى تحقيق عملية سلمية، ولذلك نحن على استعداد لليوم الذي نجد فيه شركاء على استعداد لتحقيق السلام، وعلى واشنطن الاستمرار في تقبل التحالفات أيضاً.استراتيجية الإدارة التالية
وعلى الرغم من ذلك فإن العمل بصورة فردية لن يضمن مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفيما يلي أفضل استراتيجية للعمل في سنة 2020 وما بعدها:1 – تشييد بناء أمني أكثر صلابة: وكانت إدارة ترامب اقترحت هذه الفكرة التي تقوم على تحالفات متعددة مع شركائها العرب، وشملت الفكرة الأولية الأميركية تحقيق تعاون أمني اقتصادي، وعلى الرغم من الحماسة الأولية لهذا المشروع فقد طغت عليه حادثة اغتيال جمال أحمد خاشقجي في تركيا والتي أسهمت في تعقيد العلاقات بين بعض دول الخليج، ثم قوبلت محاولة الولايات المتحدة الثانية لتشكيل تحالف استراتيجي شرق أوسطي بدرجة أقل من الحماسة، ولكن على الرغم من ذلك لم تيأس إدارة ترامب، وكان يتعين تشكيل تحالف أمني إقليمي غير رسمي كما هي الحال مع حلف شمال الأطلسي. والجانب المنطقي يتمثل في عودة الإدارة الأميركية إلى الدفع في مسار يبدو أشبه باقتراحها الأولي، وثمة قيمة في استخدام إطار العمل هذا من أجل تحسين أجندة التنمية الإقليمية.2 – العمل على تحقيق استقرار في شمال إفريقيا: ويصبح استقرار الشرق الأوسط أكثر احتمالاً إذا كانت هناك قاعدة من الاستقرار في ليبيا والمغرب ومصر وتونس، كما أن من المهم بصورة خاصة بالنسبة الى الولايات المتحدة تحسين لعبتها الدبلوماسية في ليبيا، ومع وجود قاعدة مستقرة تستطيع الولايات المتحدة العمل بتناسق مع دول شمال إفريقيا من أجل تحسين التجارة والتنمية الإقليمية والحوكمة الجيدة والاستخدام المنتج لموارد الطاقة.3 – الحفاظ على الحد الأقصى من الضغوط على إيران:يتعين على الولايات المتحدة الضغط على إيران من أجل احتواء نفوذها لأنها تظل الخطر الرئيسي الذي يهدد مصالحها هي وحلفاء واشنطن والاستقرار في الشرق الأوسط، وقد خفضت العقوبات الأميركية صادرات إيران من النفط بأكثر من مليون برميل في اليوم، وأسفر ذلك عن تقويض الاقتصاد الحكومي في إيران وخفض عوائد حكومة طهران، كما زاد صعوبة دعم حكومة دمشق وتمويل أنصار إيران من الميليشيات في لبنان والعراق وسورية واليمن. ويتعين على الولايات المتحدة أيضاً الحفاظ على قوة عسكرية قوية في المنطقة بغية ردع العدوان الإيراني والعمل مع حلفاء أميركا لتقوية الدفاعات الصاروخية في مواجهة التهديد الإيراني المحتمل عبر ترسانة الصواريخ البالستية وهي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.4 – تعزيز الانتصار على تنظيم «داعش»: على أميركا السعي إلى منع ظهور تنظيمات إرهابة كداعش وتنظيميات دينية متطرفة أخرى في المستقبل، ولاتزال هناك حاجة لوجود استخبارات أميركية وعمليات رصد وقدرات توجيه ضربات جوية من أجل مساعدة القوات العراقية والسورية المحلية ضد تنظيم «داعش». ويتعين على الولايات المتحدة الضغط على الحكومة العراقية لمحاربة الفساد وإظهار المزيد من الاحترام لاحتياجات الأقلية السنية وإقناعها بأنها ستكون أفضل حالاً في ظل الحكومة وليس من خلال دعمها لداعش.5 – الالتزام بإنهاء النزاع الفلسطيني– الإسرائيلي: سوف تكشف إدارة ترامب عن خطتها للسلام التي طال انتظارها، لكن الوقت ليس ملائماً لتسوية سلمية شاملة، ولا بد من الإشارة إلى أن السلام لن يتحقق إلا بعد خروج حركة حماس من السلطة في غزة.جيمس جاي كارافانو
احتمالات ازدهار الولايات المتحدة وأمنها تزداد دائماً عندما يكون الشرق الأوسط أكثر استقراراً وسلاماً وازدهاراً
هناك حاجة لوجود استخبارات أميركية وعمليات رصد وتوجيه ضربات جوية لمساعدة القوات العراقية والسورية المحلية ضد تنظيم «داعش»
هناك حاجة لوجود استخبارات أميركية وعمليات رصد وتوجيه ضربات جوية لمساعدة القوات العراقية والسورية المحلية ضد تنظيم «داعش»