نكتة الموسم فشل الاستجواب!
إذا كان مجلس 2013 هو مجلس الفساد التشريعي بامتياز فإن مجلس 2016 هو مجلس الفساد الرقابي دون منازع، حيث الأضحوكة السياسية نسفت ما تبقى من مبادئ وقيم الديمقراطية والمسؤولية التاريخية، وجلسة البرلمان الأخيرة وضعت النقاط على الحروف لتوثيق شهادة وفاة العمل البرلماني وتحوّل الكثير من النواب إلى شهود زور في منح صك البراءة لفشل الحكومة وغرقها في وحل الفساد وإغراق البلد بمن فيه في هذا المستنقع الآسن.النواب، إلا ما ندر، صاروا حكوميين أكثر من الحكومة نفسها، ولم يعبروا عن نبض الشارع الكويتي ولو بشعرة على استحياء، ولم تحرك فيهم حالة الاستياء والغضب الواسع في صفوف جميع المكونات المجتمعية أي ساكن، وفي مفارقة لا يمكن إلا أن توصف بالفضيحة السياسية مع تبادل الأدوار سقط الجميع أمام استجوابين في الجلسة نفسها، ولم يفصل بينهما سوى سويعات محدودة.
الحكومة المتضامنة تعني الدفاع عن أي وزير وإن كان مقصراً أو مخالفاً للدستور والقانون أو مسؤولاً عن أحد أوجه الفساد، والاستجواب يعني تحميل هذا الوزير أو ذاك مسؤولية مثل هذا الخلل، ولكن التناقض المكشوف للنواب في الموقف من الاستجوابين ليس له أي تفسير سياسي، فمسؤولية وزير الدولة يفترض أن تكون الأهم والأخطر لمحوريته في الفريق الحكومي، وأقدميته في المنصب تلبسه التهم السياسية في التقصير وتحمل المسؤولية أكثر بكثير من وزير الإعلام، رغم الشراكة بينهما في تماثل الاثنين وفشل الاثنين واستحقاق الاثنين للمساءلة وطرح الثقة مع فريقهما الوزاري بالكامل، ولكن عدم وجود أي متحدث على الإطلاق في استجواب وزير الدولة وتحوله إلى مجرد حفلة عيد ميلاد تكتفي بخطاب الإعلان أن المولود قد زاد في عمره سنة، في مقابل طرح الثقة بوزير الإعلام من لون اجتماعي واحد، حيث تدفقت الغيرة الوطنية وانتفض الدم في عروق مصلحة الكويت فجأة تجاه هذا الوزير الذي يمثل حكومة تركبها الشبهات والإخفاقات وكل مؤشرات التخلف من قمة الرأس حتى أخمص القدمين، فهو أمر مضحك حقاً، وما يزيد الشفقة أكثر أن ورقة طرح الثقة نفسها وما تضمنته من أسماء هي طوق النجاة للوزير بامتياز، فالفزعة سوف يقابلها فزعة، ودغدغة مشاعر بعض الناخبين سوف تواجه بإثارة عواطف ناخبين آخرين بالقوة نفسها لكن بعكس الاتجاه.بمعنى آخر، أن نتيجة الاستجوابين واحدة وهي الفشل لكن الاختلاف الوحيد أن الإخفاق الأول بان في لحظته في حين سوف يعلن الفشل الآخر بعد أسبوع، وهو الوقت الكافي للاستفادة من الدعاية السياسية والنجومية كل في محيطه الصغير، فئوياً أو قبلياً، والمحصلة النهائية أن المستفيد الأول هي الحكومة بكل مساوئها، والخاسر الأكبر هو الشعب الكويتي ليس لأنه سوف يظل قابعاً تحت كابوس الفساد وتدني الخدمات والتقهقر إلى الوراء، إنما لأنه يقحم في حلقة جديدة من الاحتقان والتحريض المتبادل وتقوية الانتماءات الضيقة والتحول إلى أدوات وأبواق للمتمصلحين الكبار بعد نكتة سياسية جديدة!