في مجالس الأصدقاء تثار العديد من الموضوعات التي يكون بعضها حساسا ويحتاج إلى إمعان العقل لفهمها واستيعاب مضمونها أو القصد الحقيقي منها، وهذه تحتاج إلى هدوء في نقاشها للوصول إلى أفضل ما فيها واستخراجه.ومنها موضوعات استهلاكية إن صح التعبير، أو لشغل الفراغ في المجلس حين يكون اللقاء لقضاء وقت من الراحة في متعة الحديث والتندر والتفكه والسخرية من بعض المواقف والصور الحياتية.
فهل يتم في هذه اللقاءات انسجام تام بين أطراف الحوار في كل ما يطرح من موضوعات؟ الطبيعي أن يكون هناك وجهات نظر وآراء تتفق كليا أو جزئيا أو قد تتنافر، ولكل صاحب وجهة نظر رؤيته الخاصة ينظر منها إلى الموضوع بغض النظر إن كان ثريا أو تافها لا يستحق حتى النقاش فيه، ولكن الأمر يتم كما وصفناه في أغلب الأحيان!وقد يكون اختلاف الأبراج- نارية أو مائية والتي منها أصحاب وجهات النظر- سببا في الاختلاف أو الاتفاق، وقد تكون هناك أسباب أكثر تعقيدا مثل الفوارق الثقافية والاجتماعية وطريقة فهم الأمور على وجهها الصحيح، أو يكون التعصب والانحياز غير المبرر سببا في اختلاف وجهات النظر التي قد تتطور وينتج عنها خصومات ومشاحنات تنتهي بقطيعة، وهذه نتيجة سيئة بالتأكيد لا يرغب فيها أي عاقل، خصوصا إن اتسعت الدائرة بهذه النتائج حين تختلف وجهات نظر المجتمعات والدول حول قضية إنسانية، فلا يمكن تصور الحال والنتائج إن حدث هذا!ومن الطبيعي أن يأخذ تبادل الأحاديث بين الأصدقاء أو بين البشر بشكل عام في الاعتبار صفة الزمن والوقت الذي يتم فيه الأمر، فليس من المقبول أن يتم تبادل وجهات النظر بين فرد من الجيل الحالي مع فرد من جيل أكبر رغم ما عنده من خبرة واطلاع وله تجارب بمقياس الماضي نفسه من الزمن، دون الأخذ في الاعتبار مجريات الأمور بشكلها العصري الجديد، خصوصا أن فيه أدوات عالية الجودة تساعد الجيل الحالي في القفز عن كثير من بدهيات الحياة في زمن ماض لم يعد لها مكان وسط صخبها المتوالد!العقل والمنطق يطلبان من الجميع أن الإقرار بأن المستقبل هو القادم والمتربع على عرش الزمن بما فيه من جديد، وأن أدواته القابلة للتطور هي في علم الغيب حتى الآن، وعليه لا يمكننا الحديث عنها بأنها أحد مقومات المستقبل قبل ذلك، ولكن الشواهد وما هو متوافر بين أيدينا يمنحاننا الثقة بأن القادم فيه الكثير من الجديد المفيد والنافع للإنسان إن أحسن استخدامه بالشكل الصحيح، الأمر الذي يضيق مساحة الاختلاف في وجهات النظر نحو الأشياء، لأن العلم ونتائج تجاربه هما الحكم الفاصل، حيث الجميع يستخدم هذه الأدوات بثقة في نتائجها!نصل إلى أن الزمن هو العامل المشترك الحاضر في كل لقاء بين الأفراد بغض النظر إن كان مجلسا لقضاء الوقت والراحة أو في مكان عمل أو بصحبة سفر، فدائما ستكون وجهات النظر المتفقة أو المختلفة مصاحبة وملاصقة لأي حوار بين اثنين أو أكثر، وكذلك الزمن يجري بثوانيه خلال هذا الحوار ويخلف أثره بعده. العقلاء هم الذين يحترمون وجهات نظر الآخرين بغض النظر عن اتفاقهم معهم أو اختلافهم لأن هذه سنّة من سنن الحياة لا فكاك منها.* كاتب فلسطيني- كندا
مقالات - اضافات
وجهة نظر في الزمن
03-05-2019