التنمية في الكويت متناقضة بشكل لا مثيل له في العالم!
«ثلاث إدارات عامة مستقلة وكل منها تعمل بلا قصد على إفشال مشروع الأخرى»
رأى «الشال» أن الوضع قد يبدو معقداً ومحبطاً، ولا حل له، والواقع أن الحل في غاية الوضوح والسهولة، فالإدارة العامة الحالية تترك فراغاً واسعاً نتيجة عجزها عن إدارة شركة صغيرة، ومن البديهي أن يقفز لملء الفراغ كائن من كان، والحل هو تقوية تلك الإدارة، لتقوم بتوحيد وتنسيق أهداف الكيانات الأخرى.
قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي: "استكمالاً لتعليق سابق حول مشروع المنطقة الاقتصادية، والذي نتمنى له النجاح، لأن الكويت لا تحتمل فشلا جديدا، بعد النتائج العكسية لكل خطط التنمية التي تبنتها، ولأن المشروع حقق بداية أفضل، نود التنبيه إلى مناحي القلق حوله". وتابع التقرير: "ذكرنا في فقرة سابقة، أن ما تقوم به الحكومة المهيمنة على مصالح البلد، يسير باتجاه يناقض تماماً أهداف المشروع، مثل ارتفاع كلفة كل ما تقوم به مثل خدمات التعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية، ورداءة نوعيتها وفساد معظمها. وفي الكويت، وفي ظاهرة هي الأولى من نوعها، هناك هيئتان، يتشارك في إدارتهما ووضع أهدافها الاستراتيجية منظومة من الوزراء مشتركة في معظمها في كل من الهيئتين، وهما "المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية" و"المجلـس الأعلى للبترول".وأضاف أن دراسة "ماكنزي" المحدثة -مارس 2019- "للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية"، تقطع بانحسار أهمية البترول، وتذكر أيضاً أن "النفط يفقد أهميته الاستراتيجية وقيمته الحقيقية"، بما يتطلب تنويع مصادر الدخل بعيداً عنه، وتقدر الحاجة إلى مبالغ تتراوح ما بين 400 و650 مليار دولار لتحقيق ذلك.
بينما لدى الثانية، "مؤسسة البترول الكويتية"، استراتيجية وأهداف معلنة لزيادة الاعتماد على البترول ورفع طاقته الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2040، وبتكلفة بحدود 450 مليار دولار، أي المزيد من الاعتماد عليه والارتباط به. الهيئتان الحكوميتان، ومع الأخذ في الاعتبار مأزق الميزانية العامة المرهقة لدى الحكومة المركزية، تتنافسان لتحقيق هدفين متناقضين بتكلفة قد تصل إلى ألف مليار دولار، أي رقم قريب من كل المبلغ الذي قدرته وكالة "فيتش" لحاجة الصين لتمويل مبادرة الحزام والطريـق، أي مبلـغ لا يمكـن لمستقبل البلد احتماله، سواء جاء استثماراً أو اقتراضاً، وسوف تنعكس تبعاته سلباً وبحدة على استقرارها الاقتصادي والمالي والسياسي. وأشار "الشال" إلى أنه "من الناحية النظرية، هناك إدارة تنفيذية عامة واحدة للبلد، هي مجلس الوزراء، بينما من الناحية الفعلية، هناك ثلاث إدارات عامة مستقلة بعضها عن بعض، وكل منها تعمل من دون قصد على إفشال مشروع الأخرى، فالموارد المالية لا تكفي، وإعداد رأس المال البشري دون المستوى المطلوب بكثير، وأهداف كل منها مناقضة للأخرى. وشدد على أن ما يحدث في الكويت هو سابقة لا مثيل لها في أي تجربة تنمية في العالم، فالسائد هو أن تكون الأهداف لكل البلد موحدة، والإدارات المسؤولة عن كل جزئية فيها تعمل بجهد يكمل بعضه بعضاً، لا أن يناقضه، ذلك ليس حال الكويت للأسف. وقد يبدو أن الوضع معقدا ومحبط ولا حل له، والواقع أن الحل في غاية الوضوح والسهولة، فالإدارة العامة الحالية تترك فراغاً واسعاً نتيجة عجزها عن إدارة شركة صغيرة، ومن البديهي أن يقفز لملء الفراغ كائن من كان، والحل هو في تقوية تلك الإدارة لتقوم بتوحيد وتنسيق أهداف الكيانات الثلاثة، وذلك حتى الآن في حدود الممكن مادام مشروعاً، النفط والمنطقة الاقتصادية لحسن الحظ، مازالا في بدايتهما، أي لم تظهر بعدُ آثار تناقضاتهما.وأورد "الشال" خاطرة أخيرة تثير قلقاً إضافياً، وهي حول أثر المشروع على الوضع البيئي للجزر الخمس، وهو آخر ما تبقى من إرث للأجيال القادمة، والواقعة محل القياس، هي ما حدث "لجون الكويت" من تلف هائل، وهو ثاني أفضل حاضنات العالم للأحياء المائية، والمؤكد أن بيئة الجزر تواجه خطرا مماثلاً.