بمناسبة عيد العمال نشر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إحصائيات مرعبة، حول وضع العاملين والعاملات في فلسطين، وأبرزها أن نسبة البطالة في الضفة والقطاع في عام 2018 وصلت إلى 31% وأنها تبلغ 52% في قطاع غزة، وأن 436 ألف عامل فلسطيني عاطلون عن العمل. لكن الأمر الأشد خطورة أن نسبة البطالة بين الشباب المتعلمين تصل إلى 40% في الضفة الغربية وإلى 78% في قطاع غزة، وهي الأشد خطورة لأن المتعلمين والمتعلمات الشباب هم الأكثر فاعلية وإنتاجية، فكريا وجسديا، في قطاع العمل.
ليست مصادفة في ظل هذه النسبة الخطيرة للبطالة أن يصل عدد العاملين في إسرائيل، وللأسف في المستعمرات القائمة في الضفة الغربية، إلى 127 ألفا، هذا غير الآلاف ممن يتسللون دون تصاريح إسرائيلية مخاطرين بحياتهم في كل يوم.وتشير الإحصائيات نفسها إلى أن رواتب 33% من العاملين في القطاع الخاص أدنى من الحد الأدنى للأجور، بل إن متوسط أجر 80% من العاملين في قطاع غزة لا يتجاوز 671% شيكلا شهريا. وتؤكد الإحصائيات أن 25% فقط أي ربع العاملين في القطاع الخاص يحصلون على حقوقهم في مكافأة نهاية الخدمة، والإجازات السنوية والمرضية، وأن 43% فقط من النساء يحصلن على إجازة أمومة. ولا شك لدى أي منا أن نظام الأبارتهايد الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن دمار اقتصادنا وضعف مواردنا، ولكن لا شك لدى أي منا أيضاً أن الهدف الاستراتيجي المركزي لحركة الصهيونية في المرحلة القادمة هو تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من أرض وطنهم من خلال تشديد الخناق الاقتصادي والاجتماعي، وذلك يشمل سكان الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة.ومن المعلوم أن 90% من ميزانية السلطة الفلسطينية التي تتفنن سلطات الاحتلال في اقتناص وقرصنة أجزاء منها، مصدرها ضرائب المواطنين الفلسطينيين أنفسهم، في حين لا تتجاوز المساعدات الخارجية 10% من الميزانية. وإذا كان دعم الصمود الوطني وبناء الفلسطينيين على أرض وطنهم هو العنوان الاقتصادي الأول للتصدي لصفقة القرن، وقمع الأبارتهايد، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، فإن الجهد الحكومي الأول يجب أن يوجه لمعالجة هذا الوضع الخطير الذي تكشفه الإحصائيات.وأول الجهد يجب أن ينصب على تخفيض البطالة وخاصة بين الشباب المتعلمين، وتطبيق قانون العمل الذي يضمن الحد الأدنى للأجور وحقوق العاملين، بحزم ووضوح، حتى يتشارك الجميع في حمل أعباء المرحلة التي نعيشها.ويمثل دعم صمود قطاع غزة، بإزالة كل أشكال التمييز ضده والعاملين فيه أولوية كبرى، إن أردنا وقف نزيف هجرة الشباب إلى خارج فلسطين.المعركة التي نواجهها معقدة وصعبة، ولكن إحياء عيد العمال لا يكون فقط بالشعارات والبيانات، والاحتفالات التي اتسمت هذا العام بالكآبة، بل بالعمل على حل المشاكل الكبرى التي تواجهها القوى العاملة في فلسطين، وبرسم استراتيجية اقتصادية جديدة عنوانها الصمود المقاوم، وإسناد الفئات الفقيرة والمحتاجة. الملاحظة الأخيرة، تتعلق بضرورة اليقظة تجاه الأوهام والأكاذيب التي يحاول حكام إسرائيل ودعاة "صفقة القرن" الترويج لها بالحديث عما يسمى "الحل الاقتصادي" كبديل لإنهاء الاحتلال، وكغطاء لتكريس نظام التمييز العنصري، الأبارتهايد، في استغلال للأزمة التي يعيشها الاقتصاد الفلسطيني.وهل نحن بحاجة للتذكير هنا بأن جذر الأزمة الاقتصادية يكمن في مصادرة أراضينا، ومياهنا، ومصادرنا الطبيعية، وفي الحواجز والمستعمرات الاستيطانية، والقوانين العنصرية الجائرة، وفي فصل غزة عن الضفة وعزل القدس.لم تكن فلسطين والقدس يوما، ولن تكون أبدا، معروضة للبيع، كما أن الشعب الفلسطيني لم ولن يتعايش مع العبودية للاحتلال والأبارتهايد.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
مقالات
بمناسبة عيد العمال ومواجهة صفقة القرن
05-05-2019