ضربة جديدة لقوانين «الفساد»!
كما توقعت، وكذلك الزميل الكاتب والسياسي أحمد باقر، قبل أكثر من عام، أن تبطل المحكمة الدستورية قانون تعارض المصالح، بسبب ثغرات متعددة في القانون، وعبارات مبهمة، وعدم دقة العديد من المصطلحات فيه، وهو أمر بالغ الضرر ببناء التشريعات التي تكافح الفساد والتربح من المناصب العامة والبرلمانية، وخاصة بعدما سمعناه من تبادل اتهامات خطيرة بين النواب في قاعة مجلس الأمة قبل أسابيع قليلة حول القبيض الحوت وتاجر الإقامات والنائب رجل الأعمال الذي يستخدم اسم زوجته وأسرتها في صفقاته التجارية.لا أعلم سبب البطلان المتكرر للقوانين التي تكافح الفساد، فلجنة مراقبة نزاهة الانتخابات بانتخابات مجلس الأمة في عام 2012 أبطلتها المحكمة الدستورية وحل البرلمان إثر ذلك، وقانونا مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية تم إلغاؤهما كذلك من المحكمة الدستورية، قبل أن يعيد المجلس صياغتهما مرة أخرى، وبالأمس تم إلغاء قانون تعارض المصالح البالغ الأهمية لأي دولة مدنية حديثة تطبق منظومة الشفافية والحوكمة.
يساور الكثيرين الشك بأن جهة ما تتعمد تلغيم قوانين مكافحة الفساد بنصوص غامضة ومعارضة لمواد دستورية، حتى يتم إبطالها في المحكمة الدستورية، لاسيما أن قانون تعارض المصالح وتنظيم قبول أصحاب المناصب العامة والسياسيين للهبات والهدايا ومزاولة الأنشطة التي تتقاطع فيها مصالحهم مع وظائفهم موجود في كل الدول الدستورية الديمقراطية دون أن تخالف دساتيرها أو تبطلها محاكمهم الدستورية!ربما يتسبب اختلال العمل في اللجان البرلمانية والغياب المتكرر للنواب عن حضور جلساتها في إصدار قوانين غير مكتملة وغير مدققة؛ نصاً ومضموناً، وهو أمر يستدعي علاجاً فورياً لذلك، كما أن الحكومة، بأجهزتها القانونية الاستشارية المتعددة، سواء في مجلس الوزراء و"الفتوى والتشريع" ووزارة العدل، والتي تشارك وتطلع على القوانين قبل إصدارها، لماذا لا تبدي آراءها، لاسيما أنها تحضر وتشارك في صياغتها باللجان البرلمانية حتى إصدارها في الجريدة الرسمية للدولة.لاشك في أن المنظومة التشريعية لمكافحة الفساد والتربح من المناصب العامة في الكويت يجب أن تُستكمل، وخاصة في ظل الظروف الحالية وانتشار الممارسات الخطيرة المتعلقة بقضايا الفساد وتضخم أرصدة السياسيين والتجاوز على المال العام، كما حدث في قضية "ضيافة الداخلية" والتحقيقات المختلفة في صفقات السلاح ومحاكمة المدير العام الأسبق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بسبب اختلاسات مالية... إلخ، كل ذلك يتطلب سرعة مراجعة قانون تعارض المصالح، وإعادة إصداره قبل نهاية دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة.