أعلن البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة ستنشر حاملة طائرات وعددا من القاذفات في منطقة القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط، في رسالة "واضحة لا لبس فيها" إلى إيران.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، في بيان، أمس الأول: "رداً على عدد من المؤشرات والتحذيرات المقلقة والمتصاعدة، ستنشر الولايات المتحدة حاملة الطائرات يو إس إس ابراهام لينكولن، ومجموعة من القاذفات في منطقة القيادة المركزية الأميركية" بالشرق الأوسط.

Ad

وأوضح أن هذا التحرك يهدف إلى "توجيه رسالة واضحة لا لبس فيها للنظام الإيراني، مفادها أن أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائنا سيقابل بقوة لا هوادة فيها".

وشدد البيان على أن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى شن حرب مع النظام الإيراني، لكننا على استعداد تام للرد على أي هجوم، سواء تم تنفيذه بالوكالة، أو من جانب فيلق الحرس الثوري الإسلامي، أو من القوات الإيرانية النظامية".

وذكر مسؤول عسكري أميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، لكونه غير مخوَّل بالحديث إلى وسائل الإعلام، لوكالة أسوشيتد برس، أن قرار واشنطن، إرسال القوة الضاربة إلى الشرق الأوسط، جاء بسبب وجود "مؤشرات واضحة" على تخطيط إيران والتنظيمات التابعة لها لمهاجمة العسكريين الأميركيين.

وأكد المسؤول أن وزارة الدفاع (البنتاغون) وافقت على الإجراء الذي أعلنه، مشيرا إلى أن القوات البحرية والبرية الأميركية في الشرق الأوسط تعد "أهدافا محتملة" لتلك الهجمات المزعومة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في تصريح على متن طائرته في طريقه إلى أوروبا، أن هذا القرار جرت دراسته لوقت ما، مضيفا أن واشنطن لاحظت تصرفات تصعيدية من الإيرانيين.

وشدد بومبيو على أن واشنطن ستجعل القيادة الإيرانية تتحمل المسؤولية عن أي هجوم محتمل على المصالح الأميركية، سواء كان ذلك من قبل إيران مباشرة، أو حلفائها الإقليميين، مثل "حزب الله".

ولفتت "أسوشيتد برس" إلى أن إرسال قاذفات إلى المنطقة يُعد مؤشرا على أن "البنتاغون" بصدد نشر قوة جوية، تنطلق من الأرض، في الشرق الأوسط، ربما في شبه الجزيرة العربية.

وعلمت "الجريدة"، من مصادر إيرانية رفيعة، أن طهران أعلنت قبل أيام استنفاراً عاماً في صفوف قواتها المسلحة، وأشارت المصادر إلى أن ذلك يأتي بعد أن رصدت السُّلطات الإيرانية مخططا للاعتداء على سفن أميركية وخليجية من قبل عناصر من منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، وتسليم أنفسهم للقوات الأميركية على أساس أنهم أعضاء في الحرس الثوري، بهدف التسبب في حرب بالمنطقة.

وتأتي هذه التحركات، بعد دخول قرار واشنطن، بعدم تجديد الإعفاءات الممنوحة للدول التي تشتري النفط الخام الإيراني حيز التنفيذ، في إطار تشديد العقوبات على طهران، بعد خروج واشنطن من الاتفاق النووي، وغداة الإعلان الأميركي عن فرض عقوبات على الصادرات الإيرانية من اليورانيوم المخصب التي يجيزها الاتفاق النووي.

والشهر الماضي، صنفت واشنطن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة هذا التصنيف ضد قطاع من حكومة أخرى. ورداً على ذلك، هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم ممرات الشحن في العالم، ما أثار مخاوف من أن يتسبب ذلك في اشتباكات مسلحة.

مفاجآت

في المقابل، قال مساعد الشؤون الثقافية في الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية العميد إبراهيم كلفام، أمس، إن "إيران ستفاجئ العدو، ولن تفاجأ في أي حرب محتملة".

جاء ذلك، فيما ذكرت وكالة فارس، المرتبطة بالحرس الثوري، أن الجيش الإيراني استعرض أمس عددا من "المنجزات العسكرية الجديدة"، بحضور مساعد الشؤون التنسيقية للجيش وقائد القوة البرية.

وذكرت "فارس"، أن الجيش أعلن منظومة التوجيه الليزري القادرة على توجيه الصواريخ الليزرية بمدى 5.5 كم، وبإمكانية تحرك عالية، مشيرة إلى أنه يمكن نصب هذه المنظومة على عربات مجنزرة، كالدبابات والطائرات المسيرة والمروحيات.

ووفق الوكالة، كشف الجيش عن منظومة منظار بعيد المدى، لرصد المسافات البعيدة جداً، وخاصة في النقاط الحدودية، وبإمكانها تكبير صورة شخص على بُعد 15 كم وسيارة على بُعد 20 كم بمقدار 150 ضعفا بوضوح عالٍ، وكذلك عن منظومة بصرية لمدفع عيار 23 ملم، تتضمن منظارا رقميا بقدرة تكبير 30 ضعفا. وكانت قدرة التعقب والإطلاق لهذا المدفع 2 كم، ومع نصب المنظومة الجديدة ستصل المسافة إلى 4 كم.

الاقتصاد

إلى ذلك، يعاني الاقتصاد الإيراني بشدة، بعد عام على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعودة عقوبات واشنطن. ويلخص الباحث في الشركة الاستشارية الأميركية "اوراسيا غروب" هنري روم، الوضع الاقتصادي في إيران بأنه سيئ، ويتجه نحو "المزيد من السوء".

وتبدو هذه الأزمة ضمن مسار أسوأ من الانكماش الاقتصادي لعامي 2012 و2013 الذي لا يزال ماثلاً في أذهان الإيرانيين حين أنتجت العقوبات الدولية ضد برنامج طهران النووي وبرامجها لتطوير الأسلحة البالستية أقصى آثارها.

ويؤثر ارتفاع الأسعار بشكل خاص على المواد الغذائية. ويقول مصدر في الصناعات الغذائية: "زدنا أسعارنا بنسبة 70 في المئة" منذ 21 مارس 2018 (بداية السنة الإيرانية 1397)، ويضيف: "بلا شك، سيتعين علينا الزيادة بـ20 في المئة حتى يوليو".

وفي بعض محال العاصمة، بات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء، كما أصبح الفستق الذي يحضر عموماً على كل طاولات الأفراح، بمثابة ترف غير متاح بالنسبة إلى كثيرين.

ويرى دبلوماسي أن الحكومة الإيرانية التي تواجه صعوبات حقيقية مرتبطة بأثر "إعادة فرض العقوبات، تبدي حتى الآن براغماتية عالية". إلا أن الحكومة تواجه ضغطا داخليا سياسيا من الأصوليين وخلافات مع الحرس الثوري. وأمس، أكد رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، المتحالف مع الرئيس المحسوب على الوسطيين حسن روحاني، معارضة أغلبية النواب رفع أسعار البنزين، وتم إخطار الحكومة بذلك.