في خطوة ستزيد التوتر بالمنطقة، وتمثل ضغطاً على الدول الأوروبية وروسيا والصين، أعلنت إيران أمس أنها ستعلّق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في فيينا مع الدول الكبرى، رداً على انسحاب الولايات المتحدة منه قبل سنة.

وهددت إيران بتعليق تعهدات أخرى في حال لم تتوصل الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق، أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى حل خلال 60 يوماً لتخفيف آثار العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على البلاد، وخصوصاً في قطاعي النفط والمصارف.

Ad

روحاني

وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، المحسوب على الوسطيين في أجنحة النظام الإيراني الإسلامي، أن هذه الإجراءات تتوافق مع "اتفاق فيينا" الذي يتيح للأطراف الموقعة تعليق بعض تعهداتهم جزئيا أو بشكل كامل في حال الإخلال به من قبل طرف آخر.

وقال روحاني إن الاتفاق "كان بحاجة لعملية جراحية"، مضيفا أن "الإقراص المسكنة خلال العام الأخير لم تكن كافية، وهي في الحقيقة عملية جراحية لإنقاذ الاتفاق النووي وليس لتقويضه". وتابع: "اعتقد أنه لو تحرك الشعب والدولة متلاحمين في هذا المسار، فإن العالم سيتسلم رسالة الشعب الإيراني جيدا".

«الأعلى للأمن القومي»

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي أن إيران أوقفت فورياً الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب، والذي كانت تعهدت به بموجب الاتفاق وفرض قيودا على أنشطتها النووية.

وقال المجلس، في بيان، إنه أمهل الدول الأربع 60 يوما لكي تجعل "تعهداتها عملانية، وخصوصا في مجالي النفط والمصارف"، مضيفا: "بعد انتهاء المدة، إذا لم تستطع تلك الدول تأمين المطالب الإيرانية فستكون المرحلة التالية هي إيقاف المحدوديات المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم والإجراءات المتعلقة بتحديث مفاعل الماء الثقل في أراك".

وأضاف المجلس: "في أي وقت يتم تأمين مطالبنا، فإننا سنقوم بنفس المقدار بإعادة التزاماتنا التي تم تعليقها، وخلافا لذلك فإن الجمهورية الإسلامية الايرانية ستقوم بتعليق التزاماتها الأخرى مرحليا".

وتابع أن "النافذة المفتوحة أمام الدبلوماسية لن تبقى مفتوحة لمدة طويلة، ومسؤولية فشل الاتفاق النووي وعواقبه الاحتمالية ستتحملها أميركا وبقية أعضاء الاتفاق النووي".

ظريف

واتهم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الدول الأوروبية بعدم الوفاء بالتزاماتها الواردة في الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

ومن موسكو، قال ظريف في ختام لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إنه بمعزل عن الصين وروسيا فإن "الدول الباقية الموقعة على الاتفاق لم تف بأي من التزاماتها" بعد الانسحاب الأميركي.

وقال ظريف في وقت سابق إن "الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، وخصوصا منذ سنة لكن ايضا قبل ذلك مثل انسحابها (من الاتفاق)، كانت تهدف بوضوح الى التسبب بوقف تطبيق" هذا الاتفاق.

موسكو والصين

ونددت روسيا أمس "بالضغط غير المنطقي" الذي تتعرض له إيران، والذي دفعها الى تعليق بعض تعهداتها. وأكدت موسكو انها لا تزال "ملتزمة" بالاتفاق، كما أعلن الناطق باسم "الكرملين" ديمتري بيسكوف.

وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مع ظريف، على أهمية الاتفاق النووي وضرورة الحفاظ عليه، مضيفا أن "بعض شركائنا الأوروبيين يعملون على صرف الانتباه عن تنفيذ الاتفاق النووي"، ومؤكدا أن "انسحاب واشنطن منه خرق لقرار مجلس الأمن، ويؤدي إلى توتير الوضع في المنطقة". وتعليقاً على الإجراءات الإيرانية، قال رئيس اللجنة الدولية في مجلس الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ للبرلمان)، قسطنطين كوساتشوف، إن قرار إيران هو احتجاج دبلوماسي. من جهتها، دعت الصين الى الالتزام بتطبيق الاتفاق النووي.

الثلاثي الأوروبي

وفي باريس، أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، أمس، أنها لا تستبعد قيام الاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات على إيران، بعد إعلانها تعليق بعض التزاماتها، لكنها أضافت أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها لبقاء الاتفاق النووي، وأنه "ما من شيء أسوأ من انسحاب إيران".

وكانت الرئاسة الفرنسية قد اعتبرت أمس الأول أنه على الدول الأوروبية الرد بشكل "واضح جدا" من بروكسل على أي إعلان يصدر عن طهران.

وقال قصر الإليزيه في بيان: "لا نرغب بأن تتخذ طهران قرارات تخرق الاتفاق النووي، لأننا في حال حدوث ذلك سنكون مجبرين على تطبيق ما هو وارد في الاتفاق، أي إعادة العمل بالعقوبات".

بدورها، أكدت بريطانيا التي زارها أمس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن إيران ستواجه عواقب إذا تراجعت عن الاتفاق النووي. وقال مارك فيلد وزير الدولة بوزارة الخارجية أمام البرلمان البريطاني "إعلان طهران اليوم... خطوة غير مرحب بها". وأضاف: "لا نتحدث في هذه المرحلة عن إعادة فرض العقوبات، ولكن يجب أن نتذكر أنه تم رفعها مقابل القيود النووية".

واعتمدت المانيا لهجة أقل حدة، ووصف متحدث باسم الحكومة الألمانية الإجراءات الإيرانية بالمؤسفة، وحث طهران على عدم الإقدام على أي خطوات عدائية.

نتنياهو: لن نسمح لطهران بحيازة «نووي»

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية.

وقال نتنياهو، أمس، بعد ساعات من إعلان إيران عدم الالتزام ببعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، في خطاب بمناسبة يوم ذكرى إسرائيل: "في هذا الصباح، في طريقي إلى هنا، سمعت أن إيران تنوي متابعة برنامجها النووي. لن نسمح لها بالحصول على أسلحة نووية. سنواصل قتال من يقتلوننا، وسنعمق جذورنا أكثر فأكثر في تراب وطننا".

وكان نتنياهو طلب من الجيش الإسرائيلي الاستعداد لضرب برنامج إيران النووي في غضون 15 يوماً، وذلك في عام 2011 خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وهو الأمر الذي وجه برفض مدير جهاز "الموساد" آنذاك تامير باردو، الذي هدد بالاستقالة، ودخل في نزاع علني مع رئيس الحكومة.

وذكر المتحدث أن برلين تريد الإبقاء على الاتفاق النووي، وقال إنها ستضطلع بالتزاماتها كاملة طالما تفعل إيران المثل، بينما صرح مسؤول بالاتحاد الأوروبي بأن الاتحاد يجري حاليا "تقييماً" للإعلان الإيراني.

يأتي ذلك وسط تصعيد عسكري تمثل في إرسال واشنطن حاملة الطائرات إبراهام لنكولن الى الخليج وقاذفات ردا على تهديدات إيرانية جدية ومخططات إيرانية لشن هجمات ضد أميركيين حسب مصادر أميركية. وقال مسؤولون أميركيون أمس الأول إن قوة القاذفات التي قالت الولايات المتحدة إنها سترسلها إلى الشرق الأوسط ستضم على الأرجح أربع طائرات قاذفة مع أفراد لقيادة وصيانة الطائرات.

وأضاف المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم نشر أسمائهم أن من المرجح أن تكون هذه القاذفات من طراز "بي 52".

الريال

وواصلت العملة الإيرانية هبوطها في السوق السوداء أمس، حيث سجلت مستويات قياسية مقابل الدولار، وذلك مع تزايد التوترات بين طهران وواشنطن. وجرى تداول العملة الإيرانية عند 155 ألف ريال للدولار، بعدما كانت مطلع العام الحالي عند 11.2 ألف ريال للدولار.

وأمس الأول هبط سعر صرف العملة الإيرانية إلى 154 ألف ريال للدولار، وفقا لما أظهرته مواقع صرف عملات أجنبية ترصد تحرّك العملة الإيرانية في السوق السوداء.

صواريخ بالستية في الخليج

قالت شبكة CNN الإخبارية الأميركية إن الولايات المتحدة تشتبه أن إيران نشرت صواريخ بالستية قصيرة المدى على متن سفن موجودة في مياه الخليج.

وقالت CNN إن واشنطن توصلت إلى هذا الاستنتاج بعد تلقيها معلومات استخباراتية ذات صلة، مشيرة إلى أن هذا السبب هو الذي دفع مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي جون بولتون في 5 مايو إلى إعلان إرسال حاملة للطائرات "ابراهام لنكولن" وقاذفات إلى المنطقة.