كُتاب الكويت ينقرضون!
من المعلوم أن أي باحث أو مهتم بدراسة أوضاع أو أحوال أي بلد يبحث عن كتابها الصحافيين والمعلقين السياسيين الذين يتناولون الشأن السياسي والحياة العامة، ليتعرف على أهم ما يجري فيها، وطبيعة تطورها الاقتصادي والاجتماعي، وفي كل بلد قائمة من الكُتاب الصحافيين المهمين الذين يمثلون كل التيارات السياسية، وكذلك من هُم قريبون من السلطة ويعكسون توجهاتها ووجهة نظرها في القضايا المتداولة، سواء كانت داخلية أو خارجية.فمثلاً في مصر يمكنك أن تتعرف على الوضع في البلد من خلال متابعة كاتب مثل أسامة الغزالي حرب وعبدالمنعم سعيد وعلاء ثابت في صحيفة الأهرام، وفي المملكة العربية السعودية الشقيقة هناك تركي الدخيل وجميل الذيابي وتركي الحمد وآخرون، وفي الولايات المتحدة الأميركية بوب ودوارد وتوماس فريدمان وجلين جرينوالد، وأيضاً روبرت فيسك في بريطانيا، وفي كل دول العالم هناك كتاب صحافيون يعبرون عن واقع الحياة السياسية فيها.
في الكويت الوضع مختلف، فالكتاب الذين يتناولون الشأن السياسي والعام في تناقص مستمر، بعد أن كانت الصحافة الكويتية تمتلك قائمة مهمة من الكتاب، تراجعت أعدادهم واعتزل الكثير منهم، ولم يتبق من الكتاب الصحافيين المحترفين إلا قلة نادرة، وفي حال ابتعادهم عن الكتابة الصحافية فستخلو صحافتنا من الكُتاب تقريباً فيما عدا الهواة أو الذين يمارسون هذه المهنة كهواية أو عمل جانبي.الصحافة الكويتية كانت تزخر بعدد كبير من كتاب المقالات، التي تعبر أعمدتهم الصحافية عن كل التوجهات من أمثال الأساتذة عبداللطيف الدعيج اليساري، المتحول إلى الليبرالية بشقيها الاقتصادي والسياسي، وفيصل الزامل المحافظ الديمقراطي والزملاء الذين يمثلون الوسط وقضايا الحريات د. ناجي الزيد وحسن العيسى، والأستاذ المعتزل سامي النصف، الذي كان يمثل وجهة نظر السلطة باتزان وعقلانية... وآخرين كثر.لم يتبق من هؤلاء الرواد في الصحافة الكويتية سوى الزميلين الزيد والعيسى، بينما اعتزل البقية، وتوفى الله كتاباً آخرين، وهو ما ينبئ بأن الصحافة الكويتية خلال سنوات قليلة سيختفى منها الكاتب السياسي المحترف والمتفرغ لمصلحة كما ذكرت كتاب هواة أو "بارت تايم"، وهو ما سيكون حالة فريدة في كل دول العالم أن تخلو صحافتها من كتاب سياسيين محترفين، وهو ما يعكس حالة الاختناق وجمود العمل السياسي في الكويت، والذي ربما يكون سببه خللاً في العلاقة بين الصحف والجمهور، أو حالة فقر شديد في الوعي العام، بسبب ممارسات خاطئة تمت من السلطة والقوى السياسية في البلد.