ثمة ظن سائد هو أن من يدرسون في الجامعات الدينية بعيدون عن الفنون، لكن طلاب جامعة الأزهر الشريف استطاعوا أن يثبتوا عكس هذا التصور الخاطئ، حين أقاموا أخيراً معرضاً تشكيلياً في القاهرة، جذب انتباه الجمهور وأشاد به النقاد، وكسر الصورة النمطية "المغلوطة" عن الأزهريين.

على غير المعتاد، وبعيداً عن الصورة التقليدية للطلاب الدارسين للعلوم الشرعية والفقهية في جامعة الأزهر الشريف، فاجأت مجموعة منهم الجمهور المهتم بمتابعة الفعاليات الفنية، بإقامة معرض تشكيلي قبل أيام في "بيت السناري" بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، تحت رعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومدير مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي، حطم فيه هؤلاء الطلاب الصورة النمطية عنهم بالريشة والألوان.

Ad

«صوت الأزهر»

المعرض المفتوح أقيم بالتعاون مع صحيفة "صوت الأزهر"، وهي صحيفة دينية تصدر عن مشيخة الأزهر الشريف، وكلية طب الأسنان "بنات" في جامعة الأزهر، وحمل المعرض عنواناً كان لافتاً للجمهور: "إبداعات الفن التشكيلي لشباب الأزهر"، الذي لم يعتد حضور فعاليات فنية يقيمها طلاب أزهريون.

الخط العربي

وتضمن المعرض نحو 60 عملاً تنوعت فيها اللوحات بين التشكيل والخط العربي، جميعها من إبداع طلاب وطالبات وأساتذة من جامعة الأزهر وقطاع المعاهد الأزهرية، وخرجت الأعمال الإبداعية متنوعة بين الواقعية والرمزية والتجريبية، فيما كان اللافت هو جرأة الأعمال التي جاءت منطلقة ومعبرة عن روح الشباب.

«بيت السناري»

ويهدف المعرض إلى تصحيح الفكرة النمطية السائدة لدى البعض أن شباب الأزهر لا يمتلكون ميولاً فنية، وهو ما لمسه زوار المعرض الذي أقيم في "بيت السناري" الواقع في ضاحية السيدة زينب ذات الطابع الشعبي.

الهوية المصرية

وبوجه عام، جسّدت لوحات المعرض، أماكن تعبّر عن الهوية المصرية، وطغى عدد من لوحات فن "البورتريه" التي تناولت وجوهاً بسيطة من المجتمع المصري، يظهر على ملامحها مشاعر مختلفة بين الفرح أحياناً والشقاء في أحيان أخرى، إلى جانب بورتريهات لشخصيات دينية وفنية معروفة، وكأنها رسالة واضحة مفادها أن رجل الدين والفنان ليسا على خلاف، وأن لكل منهما دورا مهما في المجتمع.

أطفال يعزفون

كما ظهرت لوحات جسد فيها الفنانون أطفالاً يعزفون على آلات موسيقية مختلفة مثل الغيتار والكمان، بما يعكس إيمان هؤلاء الفنانين بأهمية الموسيقى، التي ترتقي بالحس الإنساني، وهو ما يتماشى مع فتاوى مصرية "رسمية" صدرت قبل سنوات، تشير إلى أن الموسيقى الهادئة حلال.

وفي هذا الإطار، تجاورت بورتريهات لشيخ الأزهر أحمد الطيب والشيخ محمد الغزالي، مع بورتريهات أخرى لمشاهير من نجوم الفن في الزمن الجميل مثل إسماعيل ياسين ورياض القصبجي وزينات صدقي وغيرهم.

التوعية والتنوير

من جانبه، قال رئيس قطاع المشروعات في مكتبة الإسكندرية، خالد عزب، إن المكتبة لديها عدة مشاريع مع الأزهر هدفها نشر التوعية والتنوير، وأهمية هذا المعرض تكمن في أن الجمهور لأول مرة يرى إبداعات فنانين تشكيليين من داخل جامعة الأزهر، مضيفاً في تصريحات له: "في هذا المعرض نجد لوحات تبشّر بجيل جديد من الفنانين من خريجي الأزهر، سينافسون خريجي كليات الفنون الجميلة، وهذا يلفت إلى أهمية إنشاء كلية للفنون والعمارة الإسلامية بالأزهر".

أساليب التفكير

في السياق، قال مدير بيت السناري، أيمن منصور، إن المعرض يأتي في ضوء اهتمام البيت ومكتبة الإسكندرية بتطوير أساليب التفكير باتجاه الحياة والفنون التي يتمخض عنها قيام نهضة فكرية واجتماعية، وهو ما يوسّع دائرة الاعتراف بإمكانيات الإنسان وقدراته الذّهنية في تعزيز حقوقه وواجباته في دوائر المجتمع والأفراد

.

للمرة الأولى

تجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يقام فيها معرض تشكيلي في مصر، يبرز قدرة طلاب يدرسون في جامعة دينية على ممارسة الفن التشكيلي، في وقت تتنامى فيه أفكار مغلوطة مفادها أن طلاب الأزهر يميلون إلى الجمود، ويبتعدون عن التنوير، ويرفضون الفنون على اختلاف أنواعها.