جوهر الأمومة... شذا عبير الحياة
جوهر الشيء حقيقته وذاته، والجَوهَرُ هو النفيس ومنه الفصوص ونحوها، والجمع جواهر، ومن مرادفاتها خُلاصَة، أو خِيرَة، أو صَفوَة، أو صَميم، أو نُخبَة، أما الأمومة فهي صفة الأم وحالتها، والرابط التي يربطها بأبنائها، وهي الوالدة، وأم الشيء أي أصله.الأمومة والجوهر بما سبق ذكره من معان لكليهما، يعني التحدث عن جوهر الأمومة الحقيقية، والفعلية، والتطبيقية، وهي العطاء، والاهتمام، والرعاية لأبنائها، والتي وإن كانت أحد جوانب الأمومة الرئيسة، إلا إنها تشمل كل جوانب حياتها ومحيطها والأفراد من حولها.الوالدة للأبناء والأجيال، أو الأم بالمفهوم العام، (والتي لا اختلاف على أهميتها وتقديرها دينيا من وجوب تقديرها والإحسان لها، وتقديرها دوليا من تخصيص يوم للأم)، فيشمل هذا المعنى والمفهوم أصل الأبناء وتربيتهم وحسن رعايتهم، وبصفة العطاء الملازمة لها والتي اشتهرت الأم بها بصفة عامة لأولادها، إلى العطاء العام اللا محدود من أصل الشيء لكل ما حوله.
اقتران رمز العطاء من حب، ورعاية، وعناية، واهتمام، وتحمل المسؤولية بالأنثى تجاه صغارها يزدها جمالا ومحبة من الجميع، مثل الشجرة المثمرة التي يطول الانتفاع بها، كالشذا (ريح المسك وقوة الرائحة الزكية)، وكالعبير (الرائحة الطيبة الزكية) فهي شذا عبير الأجيال بل الحياة بحق. لما سبق علينا دوما أن نعزز فكرة ومفهوم الأمومة لكل مواطنة (أنثى) منذ الطفولة؛ لكي تزخر البلاد بالأمومة وجوهرها وتُكثِر من عطائها، وعلينا دوما أن نكثر تلقيب الفتيات والنساء بأمهات المستقبل منذ نعومة أظافرهن؛ لنعزز عطاء الأنثى لوطنها. الذي يتطلب منها أن تعي معنى الأمومة بجوهرها، كما يتطلب منها دوما أن تكون على عطاء دائم في العلم والعمل الذي يصب في عطاء أجيال المستقبل، فيورث لمجتمعاتها كافة ثم للأجيال المستقبلية. جوهر الأمومة هي المواطنة الحقَّة لنصف المجتمع (المرأة، الأنثى) والتي تعني انتماء المواطنة بعطائها لأسرتها ولمجتمعها ووطنها؛ لذا فجوهر الأمومة صورة من صور الانتماء الوطني، والثروة الأولى المستدامة للأوطان. يقال الأم (العودة، بلهجة محلية، أو الكبيرة عمرا أو مقاما) والتي قد تكون هي الأخت، والوالدة، والأم بالرضاعة، والحاضنة، والابنة، والتي غالبا ما تطلق على تقدمها في العمر فقط- كما يشاع- بل يطلق على رمز العطاء، والمحبة، وطيب الأصل والمنبت الذي ينبثق منه. كما يطلق على الوطن أو البلد "أُمنَا" باللهجة المحلية، أو "أُم" باللغة العربية، وهي بذلك هوية عن الأصل والارتباط لشعب البلد أو الدولة بالوطن؛ وهو مما يعزز ويجسد ما سبق أن ذكرته أعلاه من اتساع مفهوم الأمومة. من منا لا يتذكر أمه وهو يكتب ويقرأ عن الأم؟! فهي نموذج العطاء في حياة كل منا، خاصة إذا كان هذا النموذج قدوة عظيمة رائعة في العطاء، فيمتزج الحنين مع الحب والتقدير (الانتماء)؛ فرحمك الله يا أمي رمزاً للعطاء ونبعاً لا ينضب، نور السعادة في وجهك؛ يُستمد منه نجاح وتفوق دراسي يستمر بنفع المجتمع، ومرآة تعكس شعوري بالفرح الحقيقي. رحم الله أمهاتنا جميعا، وجعل محبة وعطاء الأمومة جوهر المحبة والعطاء للأوطان وللحياة كلها.