قللت أوساط كويتية وخليجية من احتمال نشوب حرب في المنطقة، أو حتى توجيه ضربة أميركية، ولو محدودة، إلى إيران، رغم التحركات العسكرية الأخيرة للولايات المتحدة بإرسالها إلى الخليج حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» التي عبرت قناة السويس أمس، وقاذفات «بي 52» الاستراتيجية التي وصلت بالفعل إلى المنطقة.

ورغم ذلك، أكد مصدر رفيع لـ»الجريدة» أن الكويت تتابع بقلق بالغ ارتفاع حالة التوتر في منطقة الخليج، وأن هناك اتصالات مستمرة ومباشرة مع المسؤولين الأميركيين لتلافي أي تصعيد، معرباً عن أمله أن «يتم تغليب صوت الحكمة على نبرة التهديد والوعيد التي يتبناها الطرفان، لمعالجة التهديدات الأمنية التي تواجهها المنطقة».

Ad

في السياق، بدا أمس أن خطوة إيران بشأن تعليق التزامها ببعض بنود الاتفاق النووي والتهديد بالانسحاب التدريجي منه قد تؤدي إلى نتائج عكسية؛ فقد رفضت الدول الأوروبية المعنية بالملف النووي الإيراني، وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي أمس، المهلة التي حددتها طهران بـ60 يوماً لحمايتها من العقوبات الأميركية، خصوصاً في قطاعي المصارف والنفط.

وقالت الدول الثلاث ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان مشترك: «نرفض أي إنذار، وسنعيد تقييم احترام إيران لالتزاماتها في المجال النووي»، داعية طهران إلى «الامتناع عن أي تصعيد».

في المقابل، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أمس إن هدف بلاده «تعزيز خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) وإعادتها إلى مسارها».

ورغم اعتباره أن «المهلة التي حددتها إيران هي آخر نافذة دبلوماسية، وستُغلَق في حال عدم استفادة الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي منها، لتنفيذ تعهداتها»، شدد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، على أن انسحاب إيران من الاتفاق النووي سيتم تدريجياً، غير أنها مستعدة، في الوقت ذاته، للعودة إلى المرحلة السابقة إذا نفذت الأطراف الأخرى تعهداتها.

وبينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى «استكمال الاتفاق النووي الذي تشوبه ثغرات وحل مسألة برنامج الصواريخ البالستية»، زاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الارتباك السائدة في طهران، بفرضه عقوبات مؤلمة على كل من يشتري أو يتاجر بالحديد والصلب والألومنيوم والنحاس الإيراني، مهدداً باتخاذ إجراءات جديدة إذا لم «تغير طهران جذرياً سلوكها». ورغم ذلك أبدى ترامب رغبة في التفاوض مع الإيرانيين، معرباً عن تطلعه إلى لقاء قادة إيران يوماً ما من أجل التوصّل إلى اتفاق، وإلى «اتّخاذ خطوات تعطي طهران المستقبل الذي تستحقه».

وكانت «الجريدة» علمت، من مصادر إيرانية رفيعة، أن توجيهاتٍ عُممت على المسؤولين الإيرانيين تحظر عليهم التحدث عن أي مفاوضات مع واشنطن بهدف تقويض استراتيجية ترامب الذي يرغب في التوصل إلى اتفاق جديد لا يقتصر على البرنامج النووي، بل يتعداه إلى البرنامج البالستي وأنشطة إيران في المنطقة.