قال التقرير الأسبوعي لشركة «الشال» للاستشارات «إننا ما دمنا نبحث في مشروع «كويت جديدة»، وهو بحث مستحق بعد ما أصاب الكويت الرائدة سابقاً من تخلف، وما دام المشروع مرتبطاً بالمبادرة الصينية «الحزام والطريق»، ربما تكون مشاركتنا في التعريف بتلك المبادرة مفيدة.

ووفق «الشال» فإن «الحزام والطريق» عنوان استراتيجية صينية هدفها تسريع واستدامة تفوقها الاقتصادي بعد تغيير نموذجها التنموي عام 2012 بالإفادة من دروس وتداعيات أزمة العالم المالية في عام 2008، والتي أدت إلى فقدان الصين نحو 40 في المئة من معدلات نموها التاريخية.

Ad

وفي تعريف العنوان «الحزام والطريق»، ينقل المهتمون التفسير الصيني له، فالحزام يعني الطرق والجسور والسكك الحديدية والمشروعات التي تقام بمواد وتقنيات صينية، باتجاه التوسع البري في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط. والطريق، هو المسار البحري من جنوب الصين باتجاه القارة الإفريقية الناهضة والمليئة بالموارد الأولية، وحتى بلوغ حوض البحر الأبيض المتوسط.

وفي تقديرنا بأن المستهدف جغرافياً صحيح في هذه المرحلة، ولكن التعريف غير دقيق، وبالعودة إلى شهر سبتمبر من عام 2013 عندما أطلق الرئيس الصيني حينها تلك المبادرة في محاضرة في جامعة في «كازاخستان»، كان العنوان حينها طريق الحرير حزام اقتصادي «The Silk Road Economic Belt» وهو العنوان الصحيح في تقديرنا.

وتفسيره في اجتهادنا، أن الحزام يشمل كل ما يمكن أن تصل إليه الصين من دول -حزام جغرافي- شاملاً مناطق النفوذ الغربي بعد انسحابه منها أو ضعفه بالاستمرار في احتوائها، وهو حزام قابل للتوسع بمرور الزمن.

والطريق الموصوف بـ«الحرير»، هو استعارة من عبق الماضي عندما كانت الصيـن - الحـزام - القـوة الاقتصادية الأولى في الماضي وتصدر بضائعها عبر طريق بري مماثل، وحديثاً، يعني شبكة مواصلات في البر والبحر لربط كل الأسواق - الحزام - التي تصل إليها بالمركز، أو بالصين لتتفوق بالمزايا النسبية في تصدير سلعها وخدماتها على كل ما عداها.

والسبب في تقديرنا لتغيير الاسم، هو ما يمكن أن يعنيه الحزام من مفهوم يوحي بأن الدول المشاركة في المشروع لا فكاك لها من الاحتواء بحزام الصين، وهو مفهوم سياسي بالغ الحساسية.

ضمن ذلك الحزام حتى هذه اللحظة، نحو 68 دولة، عددها وعدد سكانها إلى عدد دول وعدد سكان العالم، أعلى من مساهمتها في حجم الاقتصاد العالمي، لكن الصين تعي ذلك وتعي بأن تلك المساهمة سوف تكبر بمرور الزمن، وتعي بأن العائدين الاقتصادي -وليس المالي- والاستراتيجي على المدى الطويل، أكبر بكثير مما قد تربحه مالياً في الزمن القصير.

الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، يعي أن التفوق الصيني قادم، والحرب التجارية الأميركية، وعزوف معظم دول أوروبا عن المشاركة في آخر مؤتمرات الصين الاقتصادية، والضغط الغربي على الدول المنخرطة في المشروع، يعمل على تأخير وقت تحقيق أهداف المبادرة الصينية، ولكنه لا يملك وسيلة لإيقافها.

وفي تقديرنا أيضاً، أن الصين تصنف دول الحزام إلى فئتين، فئة مرحب للتعامل معها حالاً، وهي الدول التي تملك أموالاً ولا تحتاج إلى تمويل حقيقي من الصين، إضافة إلى حضانتها لمواد أولية إستراتيجية، وضمنها السعودية والإمارات والكويت، ودول تراهن على تحقيق أهدافها منها على المدى المتوسط والطويل، مثل بنغلاديش وباكستان وسيرلانكا ومعظم القارة الإفريقية، ولا تمانع من استثمار فوائضها المالية الضخمة في تلك الدول وإن بشروط قاسية قد تؤدي إلى الاستيلاء على تلك المشروعات كما في حالة سيرلانكا وربما باكستان لاحقاً.

وتوقيع الصين والكويت لثلاث مذكرات تفاهم هو نتاج تلاقٍ لمصلحة الطرفين، لا فضل لطرف فيه مادام كل طرف يعرف ما يريد وما يريد منه الطرف الآخر.

فالصين يفترض أن تعرف أن الكويت ضمن الدول المفضلة ضمن حزامها وإن كان اندماجها فيه سوف يواجه مقاومة غربية، والكويت الراغبة في الرسملة على موقعها الجغرافي لخفض اعتمادها الهائل على النفط تعرف حاجتها إلى تجربة الصين في تحقيق هدفها من أجل التوسع التجاري شمالاً وغرباً.

هو تلاقي مصالح، مساحة العاطفة فيه محدودة، وفهم كل طرف لمصالحه والدفاع عنها سوف يؤدي إلى تعظيم فوائد المشروع وتقليل مخاطره، والعكس صحيح.