مثّل قرار هيئة أسواق المال الصادر بفرض غرامات مالية على المديرين التنفيذيين بسبب تقاعسهم وإهمالهم وتقصيرهم في تنفيذ متطلبات القانون رقم 7 لعام 2010 ولائحته التنفيذية، توجهاً إيجابياً نحو إلزام القيادات التنفيذية للشركات بالإفصاح عن نتائج أعمالها خلال المدد المحددة لذلك، ووفقا لما ينص عليه القانون. وذلك باعتبار هؤلاء المديرين أعلى سلطة تنفيذية، وعليهم المسؤولية الكاملة في الإفصاح عن المعلومات الجوهرية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الوضع المالي للشركة وقرارات المستثمرين في السهم.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ "الجريدة"، أن عقوبات هيئة أسواق المال سابقا أثارت العديد من التساؤلات من المستثمرين بالسوق حول مقدار الغرامات المفروضة وفاعليتها في إلزام الشركات بسرعة الإفصاح عن نتائج أعمالها، والجهة التي كان يجب أن تتحمل دفع تلك الغرامة، إذ كانت العقوبات والغرامات تقتصر على الشركة فقط. وأضافت المصادر، أن مجلس التأديب التابع لهيئة أسواق المال فرض غرامات مالية على الرئيس التنفيذي، وكذلك فرض غرامة منفصلة على الشركة للتأخر في الافصاح عن معلومات جوهرية تمثلت في عدم الافصاح عن تسجيل خسائر بسبب إعادة التصنيف المحاسبي الناتج عن بيع جزء من ملكية الشركة بشركة تابعة، والذي أدى إلى تغيير تصنيفها عن شركة تابعة إلى شركة زميلة، والذي يعد ذا تأثير كبير على المركز المالي للشركة. وتابعت "اضافة الى عدم الإفصاح عن المعلومة الجوهرية في التوقيت الملائم بشأن تخلف الشركة عن الوفاء بأرصدة التمويل الإسلامي الدائنة في تواريخ استحقاقها المقدرة، وعدم قيام إحدى الشركات بالإفصاح عن انخفاض ملكيتها في رأسمال شركة تابعة خلال المدة القانونية المحددة، الأمر الذي نتج عنه تحول في علاقة الشركتين ببعضهما، إذ تحولت من شركة تابعة الى زميلة".وذكرت أن اتخاذ مثل هذا القرار يشير بوضوح إلى أن الهيئة أرادت تنبيه الرؤساء التنفيذيين في الشركات إلى أهمية التقيد بأنظمة السوق ولوائحه، خاصة فيما يتعلق بالإفصاح والشفافية، خصوصا أن هناك من يستفيد من تلك المعلومات إذا تأخر الإعلان والافصاح عنها. وأشارت الى أن اقتصار فرض الغرامات على الشركات فقط، جعل بعضها يعتبر تلك الغرامة ضمن مصروفات الشركة، وبالتالي من يملك المعلومة ويخفيها عن باقي الملاك لمصلحة جهات محددة، مما يؤدي الى اقتصار الاستفادة على جهات بعينها، الأمر الذي يعد مخالفة صريحة لهيبة القانون الذي جاء من أجل المساواة وحماية حقوق الأقلية والجميع على حد سواء. وأوضحت أن "العقوبات التي تفرض على الشركات وتحمل المساهمين غرامات مالية بسبب مخالفات أو أخطاء إداراتها، اعتمادا على أن هؤلاء المساهمين هم من ينتخب مجلس الإدارة وعليه مسؤولية محاسبتهم، الا أن واقع سوقنا وحسب ما كشفته الجمعيات العمومية أن مجلس الادارة دائما ما يمثل كبار الملاك".
غرامة مزدوجة
ولفتت المصادر إلى أن المساهم كان يدفع ثمن مخالفة التأخر في الافصاح عن المعلومات الجوهرية مرتين، فالتأخر في الافصاحات يستفيد منه من يملك المعلومة بالشركة والأطراف ذات العلاقة بهم، ويتحمل هو كلفة دفع الغرامات المفروضة على الشركة، لأنها تخصم من أرباح وإيرادات الشركة، الأمر الذي يتطلب من مجلس مفوضي هيئة أسواق المال إعادة النظر فيمن يتحمل الغرامة التي تدفع بسبب التأخر في نشر النتائج، فالمتسببون فيها هم من يجب أن يدفعوها سواء كانوا مديري الشركات أو أعضاء مجالس إداراتها، خصوصا أن القانون لم يحدد الجهة التي ينبغي عليها تحمل تلك الغرامات، وبالتالي يمكن بعد دراسة هذا الأمر تعديل العقوبات بما يخدم كل المستثمرين بالسوق.تطوير التشريعات
وأكدت أن البديل يكمن في تطوير التشريعات ومواكبة المتغيرات والتطورات، بحيث يتم استحداث آليات وتشريعات مناسبة تضمن وصول العقوبة للمخالف دون غيره، وتؤدي الغرض منها، لاسيما أن عقوبة ايقاف الشركات نتيجة تأخرها في الافصاح عن بياناتها المالية أو ارتكاب مخالفات بشأن عدم الالتزام بماء جاء به القانون رقم 7 لعام 2010 ولائحتة التنفيذية لم ينعكس إلا على المساهمين بالدرجة الأولى. واقترحت المصادر أن تكون هناك نقاط تحسب على مجلس الإدارة مثلا تنتهي بعقوبة مباشرة، أو غرامة، أو غيرها من الأدوات الأخرى عن التأخر في الإفصاح عن البيانات المالية أو الإفصاح عن معلومات جوهرية تؤدي بالنهاية إلى تأثير جوهري الى سعر السهم.